العقد الثلاثي؟

TT

يقول سياسي لبناني من أهل الحكمة وذوي التجربة إن خريطة العالم الإسلامي مضطربة في أضلاعها وعروقها، من العراق إلى أفغانستان. والعالم العربي مضطرب في زواياه. وثمة ثلاثة أركان مستقرة: مصر والسعودية وسورية.

أمام هذا المشهد الاستراتيجي لا بد من إعادة العقد الثلاثي من أجل صد التسربات الخطرة التي تضرب الأمة. وهي تسربات مختلفة المصادر والمظاهر، لكنها في النهاية تضرب جميع الأسس والبنيان وتهدد بخطر شامل.

يستعيد السياسي الكبير أيام كانت العلاقات الثلاثية قائمة، ويقول إنها تمكنت من حماية العالم العربي في أسوأ الظروف وحالت دون تحول الانفجارات الصغيرة والمتفرقة إلى انفجار كبير وموسع. وقد حل المثلث القوي محل النظام العربي المتعب والمتشرذم، وبقيت لكل دولة من الدول الثلاث استقلاليتها وخصائصها وعلاقاتها وأسلوبها في التعاطي السياسي، لكنها في الوقت نفسه شكلت درعا لا يمكن اختراقه.

وهو يرى أن في قمة دمشق بين الملك عبد الله بن عبد العزيز والرئيس بشار الأسد، منطلقا نحو مرحلة سياسية مختلفة. ويشير إلى الاتفاق السوري ـ التركي حول إلغاء التأشيرات بين البلدين، ويقول: كان ذلك دلالة على مدى التعاون والتحالف بين دولة عربية رئيسية ودولة تطلب عضوية أوروبا، فيما تبدو العلاقات العربية ـ العربية عاثرة أو حذرة أو سيئة في كل مكان. ولا يمكن إعادة الضخ إلى الشريان العربي المتهالك إلا بإحياء العقد الثلاثي، خصوصا أن العراق غائب منذ عقدين عن كل عمل عربي مشترك إما من خلال الأحلام القاتلة بوحدات خارجية أو من خلال الأحلام القاتلة بانفصالات داخلية.

ليس من الضروري أن يكون العقد الثلاثي ضد أحد لأن قوة رمزية وعملية من هذا النوع تستطيع أن تكون مع الجميع. وفي إمكانها أن تبسط الاطمئنان ليس فقط في بلدانها بل في سائر المشرق العربي.

وليس صعبا على مصر ولا على سورية أن تعود كلتاهما إلى منتصف الطريق دون أن تحدث تغييرا استراتيجيا في مواقعها. فمن ناحية التطبيع في مصر (وفلسطين) في أسوأ حالاته ولن تخسر القاهرة شيئا، ومن ناحية أخرى كلفت سورية تركيا التفاوض عنها، خارجة للمرة الأولى في تاريخها عن قاعدة السلام الشامل.

عودة العقد الثلاثي تعيد المبادرة المشرقية إلى جذورها العربية في هذا الشرق الأوسط «الجديد»، الذي أرادته أميركا شرقها، فإذا هو على يسارها.