ما بعد قمة دمشق

TT

كم هو لافت تصريح مسؤول العلاقات الدولية في حزب الله عمار الموسوي حين تحدث عن أن إيران مرتاحة للتقارب السوري ـ السعودي، وعن الدور الذي من الممكن أن تلعبه سورية في تقريب وجهات النظر بين السعودية وإيران. اللافت في التصريح أن هؤلاء الناس ينسون أنفسهم أحيانا ويتحدثون بطريقة توحي وكأنهم أعضاء السفارة الإيرانية في لبنان، فهل الموسوي يمثل حزب الله أم طهران؟

فعندما تتحدث الدكتورة بثينة شعبان عن التوافق العربي الإسلامي، وعن السعودية وسورية، وتركيا، وإيران، فلها أسبابها، خصوصا أنها مستشارة الرئيس، لكن الأهم في الزيارة السعودية لدمشق هو العلاقة الثنائية أولا، وبناء الثقة، قبل كل شيء، مع أنه من المهم ملاحظة أن كلا الطرفين قد أصدرا بيانا منفصلا، وبمقارنة البيانين يتضح اختلاف لا يمس بالصورة الكبرى المتفق عليها، كما أنه لا يتحدث عن محاور عربية أو إسلامية.

ولذا فإن حديث الموسوي ما هو إلا ذر للرماد، وتبرير لترحيب الحزب بقمة دمشق، أما الموقف الإيراني من السعودية فيتضح في ما يصدر عن إيران، ومسؤوليها، عبر وكالات أنبائهم الرسمية تجاه السعودية، حيث زاد الهجوم على الرياض، بشكل لافت، منذ زيارة العاهل السعودي إلى دمشق.

وهنا لا بد أن أذكر بأنه ومنذ التقارب السوري التركي كنت قد كتبت مرارا عن أن دمشق بدأت توسع دائرة خياراتها، ومن يقرأ المصالح السورية، وسير الأحداث في المنطقة يستطيع ملاحظة ذلك، سواء في العراق، أو اقتراب استحقاقات الملف النووي الإيراني مع الغرب، وكذلك أحداث الداخل الإيراني، بل إن كثرا لم يتنبهوا إلى أن دمشق قد سمحت بدخول الأتراك إلى أراضيها بدون تأشيرات.

وبالنسبة للسعودية فإن الملك عبد الله هو صاحب مبادرة المصالحة العربية، وعندما طرح مبادرته بالكويت قيل يومها إنها حملة علاقات عامة سعودية، لكنه قال وفعل، سواء مع دمشق، أو مع ليبيا في قطر، رغم كل ما حدث من لبس، واليوم، ولنفس الظروف التي تحدثنا عنها في منطقتنا، بالنسبة للسوريين، تفاعل السعوديون في محيطهم سياسيا، خصوصا أن إيران لم تترك زاوية بمنطقتنا دون أن تتصرف بها سلبا، وكان على العرب، والسعوديين تحديدا، أن يتحركوا وكأن إيران غير موجودة، كما كتبنا سابقا، فالفراغ الذي يتركه العرب لإيران هو إحدى نقاط ضعف السياسة العربية.

ومهم أن نعي أن التقارب العربي العربي وفق المصالح، لا الشعارات، أمر جيد، وبالتالي فإن أفضل ما بوسع اللبنانيين فعله اليوم هو الالتفات لمصالح بلادهم، بدلا من الحديث عن إيران، وسياسة المحاور، حيث أن القط بات خارج الحقيبة، كما يقال، فإن تجاوبت إيران مع الغرب فذلك يعني انتزاع أنيابها وتقليم مخالبها، وإن لم تتجاوب فالقادم أسوأ، ناهيك عن أزمتها الداخلية.

وكما أسلفنا فإن ركز السعوديون والسوريون على العلاقة الثنائية فذلك أهم وأنجع من أي أمر آخر، وكما قال لي دبلوماسي مطلع على ملفات المنطقة فإن التوافق الثنائي «المطبوخ على نار هادئة» باستطاعته تذليل أي عقبات بين البلدين.

[email protected]