ولم نذهب إلى وادي الراحة!

TT

وفي صباح 6 أكتوبر اتصلت بالرئيس وقلت: كل سنة وأنت طيب يا ريس. فسألني إن كنت سأذهب للعرض العسكري. فقلت: لا.. وإنما سوف أفرغ من إعداد مجلة (أكتوبر) وأبعث بحقائبي إلى ميت أبو الكوم.. هي قرية الرئيس. وبعدها سوف نسافر معا إلى (وادي الراحة) في سيناء لبضعة أيام. ولن يكون معنا أحد..

ففي المرة السابقة كنا ثلاثة، الرئيس والمهندس حسب الله الكفراوي وأنا. وكانت أياما بديعة من الهدوء. وكان الرئيس في أحسن حالاته. وكانت أفكاره واضحة ومرتبة. وكان عنده استعداد للمرح. لولا أن اتصل به أحد المحافظين فغضب الريس وثار. فقد سأله المحافظ أن هناك رغبة شعبية في منع الخمور كما فعلت بورسعيد. فثار الرئيس غاضبا وقال هذا يحدث عندما يحكم الخوميني مصر..

وأغلق التليفون في وجه المحافظ..

ثم التفت إلينا الرئيس يقول: تصوروا هذا أحد المحافظين يريد أن يمنع الخمور ويجعل هذه المدينة خاوية من السياح. هذا الجاهل الغبي..

وسكتنا تماما عندما بدا الدكتور نعينع يرتل القرآن الكريم.. وقرأ قصة موسى عليه السلام عندما جاء إلى هذه المنطقة وتجلى له على الجبل عندما طلب موسى أن يرى الله.. وعندما نزل إلى قومه الذين عاودوا عبادة الأصنام من ذهب.

وفي هذا الهدوء العجيب جاء صوت القارئ نعينع ناعما فضيا مضيئا.. سبحان الله وما أروع كلام الله وأبلغ قصة موسى عليه السلام وهي واحدة من ثلاث قصص ممتعة في القرآن الكريم: عيسى ويوسف وموسى.. ولا أذكر أنني أحسست هدوءا كهذا ولا سمعت قرآنا كأنه ينزل علينا الآن من فوق الجبل، من السماء. سبحان الله..

ثم حدث في ذلك اليوم ما نعرفه وأحزننا على الرئيس وعلى مصر. والأعمار بيد الله وكان موته بأرض مصر وعلى أيدي أبناء مصر وفي عيد مصر بالنصر في حرب أكتوبر..