غرفة جدة إلى أين؟

TT

تلقيت رسالة عبر الهاتف يذكر فيها مدير حملة أحد المرشحين لانتخابات غرفة جدة التجارية عراقة البيت التجاري لمرشحه التي تمتد لمئات السنين، وخلت أن مدير الحملة توهم أن مجتمع هذه المدينة بلا ذاكرة ولا تاريخ، فالبيوتات التجارية في هذه المدينة معروفة ومحدودة، ومدير الحملة لم يكن مضطرا للترويج لمرشحه عبر هذه البوابة غير الحقيقية، وكان يمكنه أن يبحث عن جوانب تميز لمرشحه غير الحديث عن العراقة التي تمتد إلى مئات السنين، في الوقت الذي يمتلك مرشحه عددا من الخصائص الواقعية التي تجعل منه وجها مقبولا لدى شريحة من الناخبين، لكنه آثر الاتكاء على التاريخ، وهذا سيثير ضده الكثيرين ممن لا يجهلون التاريخ.

تلك صورة من أدوات أحد المرشحين في انتخابات غرفة جدة التجارية، الغرفة التي لها منجزها، وتاريخها، والتي لعبت منذ نشأتها دورا فاعلا في الحراك الاقتصادي في البلاد، إذ عاشت عقودا من الاستقلالية كإحدى مؤسسات المجتمع المدني، واستطاعت أن تبني لنفسها كيانا راسخا، وشاهقا، ورياديا، وكان حريا بوزارة التجارة دعم هذه الاستقلالية، وتعزيز المنجزات بدلا من إجراء التعديلات على اللائحة التنفيذية الخاصة بنظام الغرف التجارية بمعزل عن مشاركة الغرف ذاتها.

غرفة جدة تعيش هذه الأيام انتخابات مجلس إدارة جديد، وفق تعديلات تعطي الناخب حق انتخاب صوت واحد فقط، الأمر الذي سيطيح بتجربة الحضور النسائي في مجلس الإدارة، والذي كان يجد في نظام المجموعات سندا، ودعما، ومؤازرة، وأخشى أن لا ينحصر تأثير التعديلات في حرمان المرأة من الوصول إلى مجالس الإدارة فقط، فما أخشاه أن يمتد إلى تشكيل مجلس إدارة يفتقر إلى التجانس والرؤية الواضحة المشتركة.

كنت أتمنى من وزارة التجارة أن تنظر إلى الغرف التجارية على أنها مؤسسات مجتمع مدني بلغت مرحلة الرشد، فتمنحها المزيد من الاستقلالية في تسيير شؤونها، وتشكيل رؤاها، واختيار أنظمتها، وإلغاء أو تخفيض عدد الأعضاء الستة الذين تقوم الوزارة بتعيينهم من قبلها في مجالس إدارات الغرف، باعتبارها مؤسسات رائدة يمكن أن تضطلع بمسؤولياتها.

الأمنيات كثيرة وفي مقدمتها أن لا تجد غرفة جدة نفسها كحال ذلك الجندي في الأساطير القديمة الذي كلما تقدم خطوة إلى الأمام تراجع إلى الخلف خطوتين.

[email protected]