نتنياهو يتعكز على عباس ومشعل

TT

في الوقت الذي خرج فيه كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس وخالد مشعل ليتبادلا التهم والشتائم، كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو يتعكز عليهما للوقوف أمام الكنيست الإسرائيلي، حيث تعهد بإسقاط تقرير غولدستون، وعدم السماح لاتهام أي قائد إسرائيلي في لاهاي.

فحماس التي كانت تهاجم تقرير غولدستون وتعتبر معده مجرد يهودي يريد خدمة إسرائيل، عادت لترى في التقرير فرصة سانحة، وحجرا تستطيع أن تضرب به عدة عصافير، وليس واحدا، الأول هو تبييض صفحتها وتلطيخ سمعة أبو مازن، والثاني تنصلها من المصالحة التي كان من المفترض أن تتم في القاهرة، والأمر الأخير هو أن تتخلص حماس من اتهامها بالعبث الذي قامت به في غزة وقاد إلى حرب مع إسرائيل راح ضحيتها قرابة 1400 فلسطيني.

وكالعادة وجدت حماس ماكينة إعلامية جاهزة للترويج لها تتمثل بالإعلام الإخواني سواء في مصر أو دول الخليج، من قنوات، وصحف، وإعلاميين، ناهيك عن الدعم الإيراني الإعلامي، لكن يبقى السؤال مستمرا وقائما، من المستفيد من كل ذلك؟ من المستفيد من الصراع الفلسطيني ـ الفلسطيني؟

بالطبع المستفيد الوحيد هو إسرائيل ولذلك نقول إن نتنياهو قد تعكز على عباس ومشعل، للوقوف أمام الكنيست، والرأي العام الإسرائيلي، كزعيم يدافع عن بلاده. لو أن الفلسطينيين، وتحديدا حماس، قبلوا بالمصالحة الفلسطينية في مصر، رغما عن تأجيل تقرير غولدستون، لكان ذلك أنجع وأكثر فائدة، فلو عادوا من القاهرة بترتيب بيتهم الداخلي، وكذلك أوراقهم السياسية، وحاولوا جميعا تفعيل تقرير غولدستون مرة أخرى، والذي من المتوقع أن لا يمر في الأمم المتحدة أصلا، لكان ذلك أفضل في إرباك الإسرائيليين، وزيادة الضغوط على نتنياهو، وكذلك على الوسيط الأميركي.

وعوضا عن كل ذلك قررت حماس أن تقوم بحركة انتهازية واضحة، حيث استغلت تأجيل تقديم تقرير غولدستون للتنصل من المصالحة الفلسطينية، والإمعان في إضعاف القضية، والاستمرار في إطالة معاناة أبناء غزة. بينما كان خطأ أبو مازن القاتل أنه تصرف بفردية ودون تشاور أو غطاء في عملية تأجيل تقرير غولدستون، وإن كان لديه كل الأسباب المنطقية سياسيا، فإن خطأه القاتل هو في نسيانه، أو تجاهله، أنه يتعامل مع حماس وهي حركة غوغائية، تجهل العمل السياسي، ومنقادة لأجندات معلوم أنها تستغل القضية الفلسطينية لتحقيق مصالحها الذاتية، فحتى وإن كانت حماس قد هاجمت تقرير غولدستون بالأمس فإنها ستعود وتهاجم أبو مازن على تأجيله، وذلك ما كان على أبو مازن تذكره والتنبه له.

ولا يهم إن كان أبو مازن رجلا صادقا من عدمه، فالأهم أن يعي عباس، ومن حوله من مستشارين، أن الطريق إلى جهنم معبد بالنوايا الحسنة، كما يقال، ولذا فإن خطأ الفلسطينيين ككل كبير بحق أنفسهم وقضيتهم، والمؤسف أن القيادات الفلسطينية، في السلطة أو حماس، لم يتنبهوا بعد إلى أن هناك حالة امتعاض، وهذه كلمة مخففة، في العالم العربي من الوضع الفلسطيني، بل وتساؤلات مفادها: هل يستحق هؤلاء الناس كل هذه الجهود، والأموال، والتضحيات؟

[email protected]