هي القاهرة وليست تل أبيب

TT

انتهت فورة تقرير غولدستون، وبتنا أمام الواقع القديم الجديد، وهو أن حماس تتهرب من المصالحة التي تسعى إلى ترتيب البيت الفلسطيني ـ الفلسطيني كالعادة، فتقرير غولدستون لم يعد معلقا كما كان، والسؤال هو ما هي الأعذار الجديدة لدى حماس، وفصائل دمشق؟

فصائل دمشق، بما فيها حماس، تقول إنها لن توقع اتفاقا مع السلطة في مصر ما لم يراعِ الثوابت الفلسطينية، وهذا أمر محير، فالمطلوب من الفلسطينيين هو الذهاب إلى القاهرة وليس تل أبيب، فالمصالحة تتم برعاية مصرية، فعن أي ثوابت يتحدثون؟

ومن هنا يتضح أن حماس، ومن سار على نهجها في قضية تقرير غولدستون، لم يكونوا يتباكون على دماء الضحايا بقدر ما كانت العملية برمتها انتهازا وابتزازا سياسيا، حيث كان هناك انتقاد لمعالجة تقرير غولدستون، وهذا أمر مفهوم، لكن لم يكن ذلك مبررا كافيا لتعطيل المصالحة الفلسطينية.

وهاهي حماس تنكشف بعد أسبوع من غمامة غولدستون وتعود لتطلب من مصر تأجيلا وراء تأجيل بحجة الاعتراض على كلمة هنا، وكلمة هناك، بعد عام من التفاوض، والذهاب والمجيء إلى القاهرة. والواضح أن حماس لا تريد المصالحة، أو أن القرار ليس بيدها.

والمؤسف أن موقف حماس والفصائل الفلسطينية في دمشق يأتي في الوقت الذي تحذر فيه معظم المنظمات الدولية من خطورة الأوضاع في غزة، بل وتحذر من انهيار يهدد المجتمع هناك، حيث لم تفلح حماس في إدارة الحرب مع إسرائيل، ولا الهدنة، ولم تستطع أن تنجز اتفاقا مع السلطة، أو أن تسيّر حياة أهل غزة، فالحركة تريد السيطرة على الإمارة ولو بأي ثمن. وفرق كبير بين ما يعيش فيه أهل غزة اليوم، وبين أوضاع أهل الضفة الغربية، وبشهادة الفلسطينيين والمنظمات الدولية.

ولذا فإن طريقة التعامل مع الملف الفلسطيني ـ الفلسطيني في حاجة إلى إعادة نظر شاملة، إعادة نظر بطريقة التعامل مع حماس سواء من قبل المصريين، وهم المعنيون لأن غزة على حدودهم وضمن نطاق أمنهم، وهناك من يريد استغلالها كورقة داخلية في مصر، أو من قبل السلطة الفلسطينية التي عليها إعادة النظر أيضا في آلية التعاطي مع حماس، خصوصا أن هناك صراعا حقيقيا يدور داخل غزة بين حماس والفصائل الأخرى، وأبرزها حركة الجهاد، وآخر معاركهم حرب المساجد، ويجب ألا ننسى المسرحية التي شاهدناها في طريقة التعامل مع جند أنصار الله في مسجد ابن تيمية في رفح، حيث قيل يومها إن قائد التمرد المعروف بأبي النور المقدسي قد قام بتفجير نفسه، ولم نسمع من قبل أن رجلا في سن الخمسين قد قام بتفجير نفسه بحزام ناسف!

وعليه فإن ترتيب البيت الداخلي الفلسطيني في حاجة إلى إعادة نظر شاملة من قبل المصريين والسلطة الفلسطينية، ليس من أجل إقصاء حماس، بل من أجل إنقاذ القضية الفلسطينية، وأهل غزة.

[email protected]