الفظ الحقيقي

TT

سألني ابني (ماجستير علوم سياسية من معهد أفريقيا والشرق الأوسط ـ جامعة لندن) إن كنت أعتقد، من خلال عملي الصحافي، إن كان بنيامين نتانياهو وأفيغدور ليبرمان هما الثنائي الأكثر فظاظة في ذاكرتي المهنية. وفاجأني السؤال. وكدت أجيب بسرعة، نعم. لكنني تذكرت أرييل شارون وإسحق شامير وإسحق رابين وشمعون بيريس. وإيهود باراك الذي اغتال بيده كمال ناصر وهو نائم في منزله في بيروت. وتذكرت غولدا مئير وموشي دايان. وتذكرت مناحم بيغن. وتذكرت ييغال ألون وموشيه ارينز.

ولم أعرف بماذا أجيب. لم يخطر في بالي مثل هذا السؤال من قبل. إذ ما هو مقياس الفظاظة والوحشية هنا؟ أكواع الأطفال التي كسرها رابين بالحجارة أم دخول شارون إلى بيروت ليدمرها؟ أجبت ابني أنه في قضايا من هذا الحجم لا تبقى أهمية للأفراد. هناك مؤسسة حزبية تلد هؤلاء الناس وتوصلهم إلى السلطة وتمنحهم القرار. ولفت نظره إلى أن إسرائيل هي الدولة الوحيدة في العالم التي ينتخب فيها رئيس الوزراء من الشعب. الدولة الوحيدة التي يقترع فيها الناخب مرتين: واحدة للحزب وواحدة لرئيس الوزراء.

حاول العرب، ومناصرو القضايا الإنسانية في العالم، أن يقارنوا إسرائيل بالأبارتايد في جنوب أفريقيا، وذلك من أجل تبسيط الشرح للغرب. لكن نتانياهو (وليبرمان وأكثرية الإسرائيليين) يريد إلغاء حق الفريق الآخر حتى بوثيقة الإقامة. كان البيض في جنوب أفريقيا يعتقدون أن الأفارقة (97% من السكان) سوف يقبلون إلى الأبد أن يبقوا ضمن حدودهم فوق 13% من الأرض. وعندما كانت حكومة بريتوريا تبدأ أي حوار مع الوطنيين، كانت دائما تتوقع أن تتكلم هي وأن يكتفوا هم بالاستماع. ذلك كان «الحوار» الوحيد المقبول.

هذا هو الحوار الذي تعرضه إسرائيل على العرب الآن. تسألني من الأكثر فظاظة، لا أدري. ربما يكون، في نهاية المطاف، ذلك الناخب الذي قبل أن يمثله في العالم بنيامين نتانياهو وأفيغدور ليبرمان.