مؤسسات خيرية قاسية

TT

إذا كان غير المؤمّن عليهم لا يمكنهم الاعتماد على فاعلي الخير للحصول على المساعدات، فإلى أين يمكنهم الذهاب؟

ظهر هذا التساؤل لأن شخصيات قيادية معينة داخل القطاع الموجود في مجتمعنا والمخصص للجهود المدنية تحركت أخيرا من أجل إعاقة وسيلة معقولة وفعالة لجمع بعض الأموال لمد التغطية الصحية إلى هؤلاء الذين لا يتمتعون به.

وهناك مقترح قدمه عدد من أعضاء مجلس الشيوخ، من بينهم جاي روكفيلر وجون كيري، لوضع حد على الخصومات الضريبية التي يتمتع بها الأغنياء. ولن يغير هذا المقترح من الخصومات القائمة، كما أنه محدود بدرجة أكبر مقارنة بفكرة في نفس السياق قدمها قبل ذلك الرئيس أوباما.

ومع اقتراب الموعد النهائي للخصومات التي تعود إلى حقبة بوش التي تنتهي في 2011، فإنه من المقرر أن يرتفع المعدل الهامشي على الشريحة ذات الداخل الأعلى من 35 في المائة ليصل إلى 39.6 في المائة. ويؤثر ذلك على العائلات ذات الدخول التي يؤخذ عليها ضرائب والتي تبلغ 370,000 دولار في العام أو أكثر.

وللمساعدة في الدفع مقابل تغطية صحية موسّعة، يقترح أعضاء مجلس الشيوخ وضع حد على الخصومات التي يأخذها أصحاب الدخل المرتفع لتقف عند النسبة التي هي عليه حاليا. وعليه، فإنه بدءا من عام 2011، فإن المواطنين داخل الشريحة الأعلى الذين يقدمون مساهمات خيرية سوف يحصلون على تعويضات في مقابل ضرائب بنسبة 35 سنتا على الدولار وليس 39.6 سنت. وسيبقى المواطنون داخل الشريحة التالية، 210,000 دولار إلى 370,000 دولار، يحصلون على خصم أكبر مما يحصلون عليه في الوقت الحالي. ومن المقدر أن تجني الخطة نحو 90 مليار دولار خلال 10 أعوام.

في بداية العام، اقترح أوباما الحد من الخصومات وجعلها تقف عند 28 سنتا على الدولار، وهو ما سيساعد على جمع أكثر من 300 مليار دولار وحل جميع المشاكل المالية التي تقف أمام الرعاية الصحية.

ولكن، عُطّلت فكرة أوباما. وفي الوقت الحالي، تريد مجموعة من قيادات العمل الخيري ومن بينهم ممثلون من مجلس المؤسسات ورابطة المتاحف الأميركية، ومن المفاجئ، ممثلون من داخل المعهد الأميركي لأبحاث السرطان، ضرب المقترح الجديد في مقتل أيضا.

وقالوا في خطاب نشر أخيرا: «مع اعتماد عدد كبير على القطاع الخيري، فإن هذا ليس هو الوقت لتعريض المنح الخيرية للمخاطر التي هي مهمة جدا للحفاظ على قوة القطاع الخيري».

وهناك أدلة قليلة جدا على أن هذا التغيير الضريبي الصغير سوف يؤثر على الإنفاق الخيري، وهناك مشكلة أيضا في المنطق: عندما بدأت الخصومات الضريبية التي طبقتها إدارة بوش، لم تشتك هذه المؤسسات من أن المتبرعين للعمل الخيري سوف يكونون قادرين على اقتطاع 35 سنتا فقط على الدولار. ولو كان ذلك مريعا بهذه الدرجة، فقد كان أمام هذه المؤسسات 10 أعوام تقريبا كي تقول أي شيء. ولكنها التزمت الصمت. إذن، لماذا تصرخ في الوقت الحالي وتقول إن 39.6 سنت مبلغ لا يجب تعديه؟

وأسوأ من ذلك الإشارة التي يرسلها ذلك: فإذا كانت حتى المؤسسات التي تستقي رسالتها من الشعب لا يمكنها مواجهة مخاطرة متواضعة لمد التغطية الصحية، فكيف يمكن أن نتوقع من شخص آخر أن يدفع مقدارا أكبر من منظور الالتزام الأخلاقي؟ وفي الواقع، فإنه يبدو أن جميع المؤسسات تقريبا تعارض كافة المقترحات التي يحتمل أن تدفع مقابل الرعاية الصحية.

وسوف يفشل الإصلاح الصحي إذا تضمن تفويضا بأن يشتري كل فرد تأمينا في الوقت الذي لا يوفر فيه دعما كافيا لجعل التغطية يمكن تحملها من جانب الأميركيين ذوي الدخل المتوسط والمنخفض. نعم، سوف يتم حد التكاليف بخيار عام، أو على الأقل بدافع لصياغة خطة حكومية بديلة في أسواق تغيب عنها المنافسة الحقيقية. ولكن، بخيار عام أو دون ذلك، فإن الدعم الكافي أمر ضروري.

يتكلف الدعم أموالا، وذلك من الأسباب التي تجعل من سوء الحظ أن الرئيس جعل سقفا صناعيا لتكلفة مشروع قانون حدده بـ900 مليار دولار خلال 10 أعوام.

وينسى كل فرد تقريبا حقيقة مهمة: هذا المال لن يضاف إلى العجز. ويحاول الكونغرس أن يصوغ مشاريع قانون توفر التمويل لنفسها، وقال أوباما إنه سوف يصوت ضد أي مشروع قانون لا يقوم بذلك. والتكلفة الحقيقة للقيام بهذا الحق ربما تكون أقرب إلى الـ1.2 تريليون دولار داخل مقترح قدمه الحزبان مطلع العام الحالي عن طريق أعضاء سابقين في مجلس الشيوخ وهم بوب دول وتوم داشل وهوارد باكر. ولكن، بغض النظر عن الرقم الذي سوف يوافق عليه الكونغرس في النهاية، فإنه يجب أن يكون الدعم كافيا ويجب أن يُدفع مقابل له. ويعني ذلك أن هناك مؤسسات ليبرالية تخدم مصالح معينة تحتاج إلى أن تكون منفتحة على أفكار العوائد التي لا تمثل خيارها الأول مثل بعض أشكال الضرائب على خطط الصحة التي تستهدف ذوي الدخل المرتفع. ويعني ذلك أيضا أن بعض المعتدلين لا يمكنهم التظاهر بأن الزيادات الضريبية غير السارة يمكن تجنبها عن طريق الحد من التكاليف على حساب غير المؤمن عليهم أو الذين لديهم تأمين متواضع.

وإذا كان يجب على أحد أن يفهم ذلك، فإنها القيادات داخل مؤسساتنا الخيرية، وربما يكونون راغبين في العمل الخيري بالدرجة التي تجعلهم يعيدون التفكير في موقفهم.

*خدمة «واشنطن بوست»

خاص بـ«الشرق الأوسط»