أصايل.. هل هي أصل وفصل؟!

TT

عرض أحد المواقع الإخبارية المهمة خبر تحرير الأمن اللبناني للطفلة السعودية أصايل بعد شهر من اختطافها في سورية، وهو الخبر المبهج الذي يسدل الستار على آلام طفلة، ومعاناة أسرة استمرت شهراً بحاله وسط تهديد الخاطفين بحرمان الأسرة من رؤيتها إن لم يدفعوا فدية تصل إلى ملايين الدولارات، وقد توقعت أن شعوراً من الفرح سيعم مختلف القراء على سلامة «أصايل»، تلك الطفلة البريئة الجميلة البالغة من العمر 5 سنوات، وكان ذلك بالفعل شعور مختلف الأسوياء الذين علقوا على الخبر، وتداخلوا معه، وهم يطالعون الصورة، وقد عادت «أصايل» إلى أحضان والدها الذي لم يغادر الذهول وجهه بعد، ولا الحزن أيضا، لكن ما آلمني حقا في تعليقات بعض القراء تركهم مأساة الطفلة وأسرتها، وتوقفهم عند السؤال إن كانت «أصايل» سعودية الأصل أم لا، لينشأ جدل عقيم بين بعض المتداخلين حول أصالة «أصايل»، وكأن البعض لا يرى أهمية لتحرير الطفلة، ولا للخبر باكمله إن لم تكن «أصايل» ابنة حسب ونسب، سعودية الأصل والمنشأ والولادة، واقتطع من المداخلات مثل هذه العبارة: (واضح أن البنت وأبوها ليسوا سعوديين أصل بل سعودي كتجنس لأن اللقب ليس سعوديا)، ويرد آخر ليؤكد أن «أصايل» تنتمي إلى عائلة عريقة في السعودية، وقد انصرف عدد من المداخلات الأخرى لممارسة «ردح» رخيص لم تسلم منه بعض الدول العربية.

ليس مهماً من كتب هذه المداخلات، ولا جنسياتهم، فما يعنينا هنا أن ثمة غياباً للضمير الإنساني لدى بعض القراء، ولا يمكن استحضاره ـ أي الضمير ـ حتى في سياق أخبار على هذا النحو، الذي يمكن أن يستثير مختلف العواطف والمشاعر والأحاسيس تجاه معاناة كائن إنساني، بصرف النظر عن أصله وفصله وجنسيته، ففي مواجهة خبر كهذا يتوحد كل الأسوياء.

وثقتي كبيرة في عدد من المواقع الإلكترونية، خاصة تلك التي تشرف عليها نخبة من خيرة الإعلاميين كفاءة ووعيا وخلقا، أن يغلقوا الباب في وجه مثل هذه النعرات الفجة والجهويات الضيقة والإقليمية المتعصبة، فلن نجني من ترك مثل هذا الباب مفتوحاً سوى شيوع الكراهية والبغضاء والفرقة، و«اللي فينا ـ كعرب ـ يكفينا».

[email protected]