... واتخذت سوريا موقفا

TT

مثلما ننتقد سوريا عندما تتخذ مواقف تدعم جماعات على حساب دول، فعلينا أن نشيد بدمشق عندما تغلب مصلحة الدولة العربية، وتدعم وحدتها، وسلامة أراضيها. حدث ذلك أمس، حيث نقلت وكالة الأنباء السورية أن الرئيس السوري بشار الأسد قد أكد لوزير الخارجية اليمني أبو بكر القربي «دعم سوريا لوحدة اليمن أرضا وشعبا بعيدا عن تدخل أي دولة أخرى بشؤونه الداخلية، واستعدادها الدائم لمساعدة الشعب اليمني للخروج من أزمته الراهنة»، وأن الأسد قد أعرب عن «تأييده لمبدأ الحوار لما فيه خدمة وحدة القطر اليمني الشقيق وأمنه واستقراره».

وهذه خطوة مهمة جدا، خصوصا إذا ما تذكرنا البيان السعودي الصادر على أثر زيارة الملك عبد الله بن عبد العزيز الأخيرة لدمشق، حيث أصدرت كل من الرياض ودمشق بيانا صحافيا منفصلا، وجاء في البيان السعودي أنه تم التأكيد «على ضرورة دعم حكومة اليمن الشقيقة وتأييد جهودها لبسط الأمن والاستقرار في جميع أنحاء اليمن والقضاء على الفتن والقلاقل التي تهدد وحدته وسلامته»، بينما لم يشر البيان السوري وقتها لموضوع اليمن.

ولفهم أهمية الموقف السوري اليوم، وتوقيته، تجاه دعم اليمن، فلا بد من التنبه إلى نقاط متفرقة حال ما نجمعها ستتكون لنا الصورة الغائبة، وهي أن وزير الخارجية اليمني يزور دمشق قادما من القاهرة، التي أكدت مجددا دعمها لوحدة اليمن، كما أن الزيارة تأتي بعد أيام من رفض صنعاء استقبال وزير الخارجية الإيراني بعذر انشغال الرئيس اليمني.

كما يأتي الموقف السوري في وقت خرجت فيه مظاهرات في طهران مناهضة للحكومة اليمنية، وأخرى ضد الرياض أمام السفارة السعودية بطهران، وأخيرا، وليس آخرا، هناك التصعيد العراقي المستمر ضد دمشق. وهنا لا بد من ملاحظة مفارقة غريبة في هذا الشأن، ففي مقال نشر بصحيفتنا للكاتب الأميركي المميز ديفيد إغناتيوس (16 سبتمبر 2009) يقول فيه إنه «عندما زار المالكي دمشق في 18 أغسطس، أخبر الرئيس الأسد معارضته الخطة السورية ـ الأميركية لمناقشة الأوضاع الأمنية بالعراق، وقال إنه سيقاطع الاجتماع المقرر عقده في 20 أغسطس... وقد وصف أحد المسؤولين العرب لقاء المالكي والأسد بأنه كان فاشلا».

ثم جاءت أحداث الأربعاء الدامي واتهم العراق على الفور دمشق، وهنا ينقل إغناتيوس، المعروف بدقة مصادره، عن أحد المسؤولين الأميركيين قوله «بالنظر إلى المعلومات المتوافرة لدينا، يبدو من غير المحتمل على نحو بالغ أن يكون المخطط قد تم تدبيره في سورية».

ولتتضح المفارقة أكثر للقارئ، فقد أعلن الأسبوع الماضي، وبعد زيارة رئيس الوزراء التركي أردوغان إلى بغداد، ومناقشة نشاط حزب العمال الكردستاني، عن أن «هناك لجنة ثلاثية عراقية ـ أميركية ـ تركية لمناقشة هذا الموضوع»! فلماذا لم تعتبر اللجنة المشكلة مع تركيا وأميركا مساسا بالسيادة كما اعتبرت اللجنة الأمنية التي كان مزمعا عقدها مع سورية؟

ولذا فإن الموقف السوري الداعم لليمن مهم، ويستحق الإشادة، كما أنه يستحق الكثير من اليقظة في قادم الأيام، وعلى أكثر من جبهة، وقضية! 

[email protected]