نقاب الألقاب

TT

«جند الله» «حزب الله» «يد الله»، كلها أسماء لجماعات وأحزاب في إيران ولبنان والعراق.

«جند الله» جماعة سنية بلوشية في إيران تقاتل نظام طهران الخميني من موقع طائفي سني، و«يد الله» جماعة شيعية عراقية متطرفة قامت بأعمال عنف، أما «حزب الله» فالمعروف لا يعرف كما قيل!

جماعات تتناقض فيما بينها وتتقاتل باسم الله فهؤلاء يقولون نحن جنده وهؤلاء يقولون نحن حزبه وهؤلاء يقولون نحن يده، والحق أن كلا منهم جند لمصالح قواعده الاجتماعية، وحزب لنفوذ ومشاريع سلطوية، ويد ضاربة لخصوم هذه المصالح والمشاريع، يوضع اسم الله المتعالي لمجرد التزكية.

الأسماء لا تدل على المسميات بتاتا، فكم من شخص أسماه أهله كريم وهو أبخل من بخلاء الجاحظ، وكم إنسانة أسماها أهلها جميلة أو بهية أو اسم آخر من أسماء الجمال وهي... أو.. لا اعتراض على خلق الله!

الفنان عادل إمام في مشهد من مسرحية الزعيم أبدى استغرابه حين اعتذر له سكرتير رئيس الجمهورية عن تصرفات رئيس جهاز الأمن «نعيم» فاندهش عادل إمام وعقد حاجبيه على طريقته الشهيرة، وقال: «الباشا اسمه نعيم؟!» وتابع: «دا جحيم مش نعيم».

هل الاسم يؤثر على المسمى؟ هذا بحث معقد، ولكن بشكل عام، لا يوجد دليل قاطع على وجود العلاقة في الصفات المعنوية، طبعا هناك أسماء مطابقة تماما لصفات أصحابها مثل: صدام حسين. وعباس العقاد، بما يوحي اسم الاثنين من صفات الصدام أو الجدية، ولكن هناك أسماء منافرة تماما للمعنى مثل أن تجد ممثلة من ذوات الوزن الديناصوري وتتسمى بنسمة أو شذى، أقصد يكون هذا اسمها الفني.

أسماء الأفراد لا يمكن الملامة فيها كثيرا، فنحن لم نختر أسماءنا بل سمانا بها من تسبب بوجودنا، ولكن نحن نختار صفاتنا، أو جزءا كبيرا منها، ونختار انتماءاتنا السياسية والفكرية، ليس كلنا يستطيع طبعا، ولكنه أمر متاح لمن يملك العزيمة والرؤية، وعليه فالملامة تصبح قائمة في حق الأسماء والألقاب الكسبية والاختيارية، وليست الجبرية والقسرية.

أحزاب عربية أطلقت على نفسها صفات لا وجود لها في الواقع بل إن الواقع يتنافر مع مدلول هذه الصفات، مثلا حزب البعث العربي الاشتراكي، فلا هو بعث، بل دفن، ولا هو اشتراكي بل حيازة خاصة لشلة محدودة من قيادات الحزب، والأظرف أن تجد بعض القيادات المستبدة بقرارات الأحزاب والجماعات الحاكمة يطلق عليه أتباعه ألقاب تحببية مثل: الأخ القائد، أو الرفيق، وهو ليس أخ بالمعنى الودي، بل حاكم بأمره وأب طافح الطغيان، وهو ليس برفيق رقيق بل نار وحريق لا تبقي ولا تذر!

الأسماء والألقاب ليست إلا ستارة نقاب تمنع رؤية الوجه الحقيقي، مهما كان هذا الوجه حسنا أم قبيحا، المهم أن نرى الأفعال وتجسيدات هذه الألقاب والصفات على الأرض، أما الألقاب فليس عليها حسيب ولا رقيب، حتى وصلت إلى احتكار اسم الله، الذي هو رب الجميع.. بلا استثناء وليس حزبا لفريق سياسي محدد.