التاريخ هو الرجل

TT

ماذا يمكن أن يفعل رجل واحد في شعب بأكمله، سواء في نظام شمولي، كما فعل ستالين في الاتحاد السوفياتي أو في نظام ديمقراطي، قائم على الاقتراع الشعبي والنظام البرلماني ذي المجلسين، كما فعل جورج دبليو بوش؟ فلنأخذ، فقط، هذين المثلين لكونهما في ذاكرة معظم الأجيال الحية الآن.

في لحظة بدت الولايات المتحدة الدولة الأسعد حظا في التاريخ. صحيح أنها أغنى دولة في الأرض، لكنها سوف تصبح أغنى من ذلك أيضا. كل التريليونات التي كانت تصرفها في محاربة الخصم السوفياتي، سوف توفرها. لقد انهار خصمها الأكبر من تلقاء ذاته. وفي انهياره سقط الفكر الشيوعي وتأكد انتصار الرأسمالية. وأصبحت واشنطن قطبا أوحد. وشاهدنا ميخائيل غورباتشوف على التلفزيون يناشد الكونغرس أن يمنح موسكو المعاملة التي يمنحها للصين. وشاهدنا جورج بوش الأب يوبخ زعماء السوفيات في قلب موسكو كأنه ناظر مدرسة لقطاء. وشاهدنا العلم الروسي يعلن هزيمته ويستدعي مايكل دبغي من تكساس للإشراف على العملية التي خضع لها بوريس يلتسن سيد الكرملين والقيصر الجديد.

رفعت موسكو كل الرايات البيض. وتفكك حلف فرصوفيا. وطفقت أوروبا الشرقية تطلب عضوية الوحدة الأوروبية ومعها إفادة مصدقة بأنها أنكرت ماركس إلى الأبد.

كل ما كانت أميركا تكرس في سبيله المال والحروب والرجال والوقت، تحقق في يوم واحد. سبعون عاما من الرعب السوفياتي انتهت في سبعة أيام. سقط جدار خروشوف في برلين وأعيد توحيد ألمانيا. وخبأ قادة الشيوعية رؤوسهم في كل مكان. وانتخبت أميركا بيل كلينتون لأنه كان رمز الهرب من حرب فيتنام. وعندما غادر البيت الأبيض كانت أميركا ترتع في ازدهار لم تعرف مثله في قرن.

حظ لا مثيل له. ثم جاء جورج بوش بأكثرية أربعمائة أو خمسمائة صوت. ثم ضربت أميركا في 11 أيلول. ثم أولع الحروب. ثم أشعل النار في ثياب أميركا في كل مكان. ثم انهار الاقتصاد بين يديه. ثم تهاوت الرأسمالية في حضنه. ثم وقف يعلن انتصاراته: الزرقاوي في العراق. ثم الزرقاوي في العراق. ثم الزرقاوي في العراق. وعندما خرج أخيرا كان حظ واشنطن قد أصبح مثل حظ موسكو قبل 20 عاما.