إذن هذا هو الشيطان!

TT

كان لا بد أن يسألني لماذا لا أتكلم، مع أنني أتكلم كثيرا مع الزملاء. ولم أجد كلاما مناسبا أصف به ما رأيت وما اعتراني. وما شغلني تماما عن البحث، هل من الضروري أن يكون لأي واحد شيخ؟ سألته مباشرة: هل لك شيخ؟ فاندهش جدا واستنكر. وكان جالسا فوقف وفتح الجاكتة فرأيت كرافتة. وأنا لا أرتدي الكرافتة. ولا أعرف كيف يلفها الناس. فقط ناظر المدرسة والمفتشون يرتدون الكرافتة وهذا الزميل. ثم يده بها خواتم من ذهب طبعا. وقال: يعني إيه يكون لي شيخ.. يعلمني اللغة العربية. أنا أعرفها أحسن من جميع المدرسين.. شيخ يجعلني أحفظ القرآن الكريم. إنني أحفظ الكثير من أجزاء القرآن.. وأرجو في سنة أو سنتين أن أكمل حفظ القرآن الكريم بإذن الله..

يقول هذا الكلام ويزعق في وجه أمه؟ أمام شخص غريب؟ والله أعلم هل هو شتم أمه ـ لا داعي لأن أستطرد. فمجرد ذكر هذه الواقعة يجدد أوجاع المصران الغليظ.. إنه السبب لكل متاعب معدتي وأحشائي حتى اليوم..

ولم أفهم معنى استنكاره. ربما كلامي لم يكن واضحا. عدت أقول له: هناك عبارة عند الصوفية وأصحاب الطرق، أنه لا بد أن يكون لكل إنسان شيخ يوجهه يهديه ثم يجلس أمامه مع آخرين. هو يسأل وهم يسألون والشيخ يجيب. كما يحدث في المسجد.. هل تذهب إلى المسجد؟ فاعتدل وقال: أنا لا أذهب!

وأضاف جديدا من الغرائب في سلوكه. ولم أسأله لماذا لا يذهب إلى المسجد. ولم يكن في حاجة إلى هذا السؤال فسألني: وأنت تذهب إلى المسجد. فقلت: نعم.. مع والدي.. فقال إن والده قد مات وهو رضيع. فقلت أنا آسف..

ولكنه تردد في وضع يديه في جيوبه أو الجلوس أو الاستدارة ناحيتي وقال: في ستين داهية!

يا خبر أسود. ويقول إن والده يذهب في ستين داهية. ويصرخ في وجه أمه؟ هذا أكثر من احتمالي.. فذهلت. ولا أدري إن كنت قد قبلت يد أمي عندما عدت.. ولا أدري إن كانت أمي قد لاحظت شيئا على وجهي. إذن هذا هو الشيطان!