مرحلة التحولات الكبيرة!

TT

كان الكلام كبيرا.. وكنا صغارا ولم نستوعب تماما ما قاله الخواجة اليوناني والد أحد الزملاء.. وكان يقول إن تلامذة سقراط كانوا مثل الحواريين حول المسيح.. حتى هذا الكلام الواضح كان في حاجة إلى توضيح أكثر.. إذن لا بد أن نقرأ. لا بد لنا من شيخ يقول ونستمع. يشرح ونحفظ. حتى تصبح الإجابة في مستوى الأسئلة..

ولكن ما دام هناك سقراط وبهذا الحجم والعظمة ولم يتكرر في ألوف السنين الماضية. فلا معني للبحث عن شيخ في مقام سقراط. ولكن يوجد في الأزهر وفي التاريخ الإسلامي والتاريخ العربي للفكر والفلسفة شيوخ كثيرون. وإلا كيف ظهر من تلامذة الأزهر: الشيخ محمد عبده. والأئمة.. وهؤلاء الأئمة التف حولهم المسلمون: فكان السني والشيعي ولكل مذهب أساتذة وأئمة..

وواضح من الذين تسألهم أنهم يرون أننا أصغر بكثير جدا من هؤلاء الذين نسأل عنهم. ولذلك من الأفضل لنا أن ننشغل بدروسنا التي على (قدنا). ونترك هذه القضايا العويصة لما بعد. وليس من الضروري ولا من المهم أن نبحث عن شيخ لنا في هذه المرحلة المبكرة من الدراسة.

ثم من هم الشيوخ الذين نبحث عنهم في كل علم وكل فلسفة؟ فبعدد الفلاسفة يكون عدد الأئمة في الدين والفلسفة والسياسة. وبعبارة أخرى: خاب أملنا أو خاب أملي أنا. فقد كنت أنظر لنفسي على أنني أكثر احتياجا إلى الشيخ من كل زملائي. فقد كانت أفكاري مضطربة مثل حياتي تماما. فأنا في حيرة.. فأنا غرقان ولا أعرف كيف خرجت أو نجوت من كل هذا الطوفان من الأفكار المهوشة التي توهمت أنها نظريات. إنني وحدي قادر، دون زملائي، على أن أفعل شيئا. ولكن لماذا؟ لا يوجد سبب وجيه ولا مقنع لأن أكون أفضل أو أنني مهيأ لما هو أفضل أو أحسن. وكان ذلك وهما أيضا. أحد الأوهام الكبيرة التي يعيش فيها وعليها الشبان في مرحلة التحولات الكبيرة عند دخول الجامعة..

وقد عانيت كثيرا في البحث وفي المكتبات العامة أبحث لا عن شيخ ولا عن سقراط وإنما عن نفسي!