الرئيس الأميركي... والدرع الصاروخي

TT

تشكيل درع مضاد للصواريخ او مظلة صاروخية فكرة مطروحة منذ اكثر من ثلاثة عقود. وبالرغم من ذلك، فإن عددا محدودا من الناس كانوا، حتى عام مضى، يؤمنون بإمكانية تحقيقها، فالمعلومات العلمية الخاصة بالمشروع غير مكتملة بينما تدعو الكلفة الاقتصادية الضخمة لمثل هذه الشبكة الى القلق.

وبالرغم من ذلك يبدو من المؤكد ان الولايات المتحدة ستمضي في برنامجها الطموح لبناء مثل هذا الدرع ونشره. وبعد استكمال اقامته، ربما خلال 10 الى 15 سنة، فإن الشبكة الجديدة ستجعل الولايات المتحدة محمية من أي هجوم نووي او غيره من الهجمات التي تشن بواسطة صواريخ باليستية عابرة للقارات، الامر الذي يمكن ان يعتبر تغييرا شاملا في القواعد الاساسية للعبة العسكرية كما مارستها القوى الاساسية لأكثر من نصف قرن.

ومن نافلة القول ان كلاً من روسيا والصين لا تشعران بالاطمئنان حيال هذا المشروع، فالدرع الاميركي المقترح يمكن ان يجعل آلافا من الصواريخ الروسية العابرة للقارات غير ذات قيمة استراتيجية، والأسوأ من ذلك ان المشروع الاميركي يمكن ان يؤدي الى سباق تسلح جديد لا يمكن لموسكو او بكين تحمله من الناحية المادية.

لقد اصبحت الصواريخ، وبسرعة، العنصر الاساسي في النظريات العسكرية في عدد من الدول، ولا سيما في منطقة الشرق الاوسط. فالصواريخ ولا سيما ذات المدىين القصير والمتوسط، غير مكلفة نسبيا. واصبحت تكنولوجيا الصواريخ متوفرة لعديد من الدول، بما فيها بعض الدول ذات البنية الاساسية الاقتصادية غير المتطورة. وتستبدل بعض الدول صواريخ رخيصة بالطائرات العسكرية المكلفة.

الجدير بالذكر انه في الوقت الحالي توجد 4 دول فقط تملك صواريخ ذات مدى قادر على الوصول الى اهداف في الولايات المتحدة، من بينها بريطانيا وفرنسا، وهما من حلفاء الولايات المتحدة في حلف شمال الاطلنطي، ومن غير المحتمل ان تشنا غارات على اهداف اميركية. والدولتان الاخريان هما روسيا والصين، ولا مصلحة لهما، في الوقت الحاضر، في شن هجوم على الولايات المتحدة، فكل منهما تعرف معرفة جيدة انهما اذا قامتا بمثل هذه الخطوة، فإن ذلك سيؤدي الى التدمير الشامل على الاقل لترسانتهما النووية في هجوم انتقامي من جانب الولايات المتحدة.

الا ان واشنطن تعتبر ان الدول التي تصفها بـ«المارقة» تشكل اليوم مصدرا للخطر الصاروخي. ولكن هذه الدول تملك صواريخ قصيرة ومتوسطة المدى لا يمكن ان تصل الى الولايات المتحدة وان كان بمقدورها اصابة اهداف في دول حليفة لها في الشرق الاقصى والخليج ووسط آسيا والشرق الاوسط.

لذا يتوجب على دول الشرق الاوسط دراسة مشروع الدرع الصاروخي الاميركي بعناية فائقة ومناقشة ابعاده المحتملة وربما تحديد ما اذا كان يتوجب عليها ان تصبح طرفا فيه ـ إن تيسر لها ذلك ـ او ان تستخدم قدراتها الدبلوماسية والسياسية لاقناع واشنطن بعدم المضي قدماً في المشروع.