سايمون البطل

TT

سمعنا الكثير عن بطولات بعض الحيوانات، ولا سيما الكلاب، ولكنني لم اكتشف حتى الأسبوع الماضي بأنهم في بريطانيا عندهم وسام شجاعة للحيوانات. انه وسام مدالية دكين الذي يوازي وسام فكتوريا الذي يمنح للبشر.

بطولات الكلاب كثيرة لأنها في الواقع تشكل عند الغربيين جزءاً من القوات المسلحة وقوات الشرطة. يعهدون اليها بشتى المهمات مثل تقفي الآثار واكتشاف الجثث وشم المتفجرات والمخدرات وايصال الرسائل، واحياناً مهاجمة العدو ومشاغلته. وهي عملية قام بها كلب إلزاسي عنيد في الحرب العظمى. عندما تطوع صاحبه للجيش أصر على اصطحاب كلبه معه متطوعاً مثله. عارضوه اولاً وهزئوا منه. ولكنهم انكليز والانكليز مستعدون لأي شيء من اجل كلب.

ارسلوا تشارلي مع كلبه إلى الجبهة الغربية. صاحبه في كل خنادق القتال. في احدى هذه المعارك لاقى الانجليز الويل من مدفع رشاش الماني في عش محصن لا سبيل للوصول اليه. كلما تحركوا نحوه اصلاهم ناراً لاظية وحصدهم حصداً. لاحظ الكلب ما كان يفعله هذا الرشاش بجماعته. فما أن سمع صوت الرشاش مرة اخرى حتى فلت الكلب من يد صاحبه ومر مرور الذئب في الخنادق حتى التف وراء عش الرشاش وهاجم صاحبه من الخلف. ظل يعاركه ويعضعضه حتى استغل الانكليز فرصة سكوت الرشاش فهجموا عليه واستولوا على الموقع. منح الكلب وسام مدالية دكين على شجاعته بما تجاوز الواجب.

بطولات الكلاب مشهودة. ولكنني لم أسمع بشجاعات القطط حتى صدر أخيراً قرار يسمح بمنح جوازات السفر للقطط بما سيؤهلها للاسطول البريطاني. ففي السابق كان وجود قطة في كل سفينة جزءا من ملاكها لغرض محاربة الفئران التي تصعد فيها وتأكل خشبها بما يؤدي إلى غرقها. ولكن هذه الوظيفة زالت بظهور البواخر الحديدية الحديثة ووسائل مكافحة الفئران. احيلت سائر قطط الاسطول البريطاني إلى التقاعد. المؤمل الآن ان تستعيد مكانتها التاريخية وتحيي امجاد القط البطل سايمون.

تولى سايمون مسؤولية محاربة الفئران في البارجة أمثيست. وأصيب بجراح خطيرة في معركة اليانغتسي ضد الشيوعيين الصينيين عام 1949. قام طبيب البارجة بتضميد جراحه. ولكن سايمون عصى اوامر الطبيب بالراحة والاستجمام، فقد لاحظ ان الفئران استغلت غيابه وراحت تسرح وتمرح في البارجة. وهو ما اعتبره سايمون اهانة وتحدياً لشرف البحرية البريطانية ومعشر القطط. فخرج اليها وراح يصطادها واحداً بعد الآخر، رغم ما عليه من جراح. وأمر القبطان بفتح سجل بمنجزاته الحربية ضد العدو ـ الفئران. وراحت الصحافة البريطانية تنشر اخباره. وعندما عادت امثيست إلى قاعدتها في بليموث وجد سايمون ارصفة الميناء مكتظة بالجمهور الذي حضر لاستقباله. بيد ان الحظ لم يلازمه طويلاً فقتل في معركة اخرى خاضتها البارجة. وعندئذ امرت البحرية الملكية البريطانية بمنح وسام مدالية دكين لسايمون بعد مماته.