اجتماعات براءة الذمة

TT

كلما تأزمت قضية عربية، وكلما ضاقت الضائقة بشعب عربي، تبدأ حفلة طرق الطبول لعقد اجتماعات عربية تتم تحت ضغط الازمات ولا تستطيع ان تقدم شيئا.

الازمة الطاحنة في الاراضي الفلسطينية المحتلة تم الرد عليها بمؤتمر وزراء الاعلام العرب، ثم تلاه اجتماع وزراء الخارجية، وفي كلا الاجتماعين تبدأ الخلافات حول الشكليات والبيان الختامي، وهل يعقد الاجتماع سريا ام علنيا رغم معرفة الجميع بانه لا شيء سري في عالم العرب من البحر الى البحر، ورغم ان الجميع يعلم ايضا انه لا يمكن مناقشة قضايا جادة، وطرح كل المعلومات والمواقف في اجتماعات علنية مفتوحة تأخذ طابعا اعلاميا اكثر منه طابعا سياسيا.

لماذا لا يوقف العرب عقد هذه الاجتماعات الوزارية من اجل حفظ شيء من الهيبة والجدية اللتين افتقدناهما؟ بعد ان اصبحت هذه الاجتماعات مكررة ومعروفة النتائج ولا جديد فيها.

لماذا لا نسمع عن اجتماع لوزراء الدفاع العرب لبحث امكانية ـ فقط امكانية ـ تدهور الوضع في ظل حكومة شارون وامكانيات دفع المنطقة الى حرب شاملة؟ وما هو الحد المطلوب للتنسيق او حتى لمنع الحرب؟

لماذا لم نعقد اجتماعا لمجلس الدفاع العربي الذي يضم وزراء الدفاع والخارجية لبحث التهديدات التي تواجه الامن القومي العربي؟

مع كل هذه الاسئلة، نرى المزايدات السياسية تصل الى مستوى اقتراحات بعقد قمة عربية طارئة وعاجلة، والجميع يعلم ان جميع القمم العربية باستثناء قمة الاردن الاخيرة الدورية، كانت قمما عاجلة. منذ عام 1947 والمشروع الصهيوني، مرورا بأزمات ومشكلات تحويل نهر الاردن، وقضية منع الاعتراف باسرائيل في قمة لا صلح ولا اعتراف باسرائيل، وقمة وقف حرب السبعين في الاردن، وقمة توقيع اتفاقية كامب ديفيد الاولى وقمة احتلال الكويت، كلها قمم طارئة انتهت بدون نتيجة، وبعضها انتهى بنتائج مأساوية على العرب.

ليتنا نوقف الاجتماعات الوزارية الطارئة رحمة بعقولنا، ورحمة بحالة من الاحباط التي انتشرت بين العرب بسبب حالة اللامبالاة بهذه الاجتماعات من طرف الشعوب.

كلما زاد القصف الاسرائيلي بالصواريخ والدبابات زاد القصف العربي بالمدفعية اللفظية الثقيلة ضد شارون وحكومته. وكل هذه الحالة التي اوصلتنا الى انتشار مصطلح «العرب ظاهرة صوتية» تحتاج الى وقفة تأمل، فاسرائيل تعلم، والشعوب العربية تعلم، والوزراء العرب انفسهم يعلمون ان اجتماعاتهم لا تقدم ولا تؤخر، وعلينا إما ان نعقد اجتماعات جدية وإما نوقف اجتماعات ابراء الذمة واضاعة الوقت والجهد، فالناس تعرف «البير وغطاه».