قانون النسبية العربي

TT

انتظرت نتائج الانتخابات الرئاسية في تونس بلهفة وتلهّف. لقد أصبحت هذه عادة مزروعة فيّ منذ أن انتخب الرئيس الراحل جمال عبد الناصر «بنسبة 99% من أصوات الشعب». يومها لم أفرح الفرح العظيم بما حققه السيد الرئيس بل غضبت غضباً شديداً لأن ما نسبته واحد في المائة من الشعب المصري خان الأمانة ورفض خيار الحرية المعطى له وأثبت أنه لا يستحق أن يدعى إلى صناديق الاقتراع.

منذ ذلك الرقم التاريخي وأنا قلق إلى أن تحققت الأمنيات بفوز الرئيس الضرورة صدام حسين بنسبة 100% من أصوات النشامى في العراق. بكل صراحة، شعرت بارتياح. لن يضطر النظام إلى البحث عن واحد في المائة من الناس، خطر لهم أن الرئيس بالغ قليلا في الحروب المتنقلة، وبالغ قليلا في السجون الثابتة، وبالغ قليلا في استخدام الأسلحة الكيماوية، وبالغ قليلا في ذبح الجنوب والشمال. مائة في المائة وناموا مرتاحين.

أزعجني تراجع بعض الشعوب العربية وإنكارها للرجال الذين لا تستحقهم. بصراحة أيضا وجدت تزويراً شديداً وفاقعاً ومتعمداً في فوز الرئيس اليمني بـ 96% من الأصوات. أنا واثق من أن ثمة مدسوسين في وزارة الداخلية حولوا إجماع المائة في المائة إلى هذه النسبة الضئيلة. هؤلاء عملاء المعارضين والمنفيين وبعض أزلام المؤامرة الدولية على الاستغرار (الاستقرار) في اليمن السعيد بوحدته وعدله وإنصافه وذلك الازدهار الذي لا مثيل له.

تعليقي على انتخابات تونس، إذا سمحتم لي، أن المهم قد حصل، أي التجديد للرئيس زين الدين بن علي حتى القرن المقبل. السيئ في الأمر أن نسبة الخونة وعملاء الاستعمار قد ارتفعت على نحو لا يطاق. لكن المريح والمفرح هو أن آلات فرز الأصوات لا تزال تعمل بدقة عربية تؤكد أننا اخترعنا الصفر وعلم الجبر والله يجبر خاطركم في كل مكان وزمان. لقد فاز السيد الرئيس بـ 89.61 من أصوات التونسيين. تأمل تأمل، 89.61 لا 99 ولا 96. ولا 70.50 أو فاصلة 40 وإنما فاصلة 61. الرقم العربي بخير. الأمة سعيدة في مغربها كما هي في مشرقها. ولاية خامسة أو سابعة وبعدها يأتي دور الابن لأن الجمهورية والنظام الجمهوري يقتضيان أن يخلف الرجل نفسه أولا ثم ابنه. الخلل الوحيد هو التلاعب الفاضح بالأرقام: 99 أصبحت 89 هزيلة ومعها 61 بعد الفاصلة. وبرقيات التهنئة محافظة على الود والعهد: دائماً ترسل سلفاً.