من هو عبريا.. ومن هو رعموزا؟

TT

تحدث كثير من العلماء والباحثين عن مقبرة «عبريا» التي كشف عنها في سقارة، وصاحبها «عبريا» يحمل لقب «رئيس وزراء مصر»، وقالوا إن الاسم يشير إلى كون «عبريا» أحد العبرانيين المتمصرين..

وفي مغامرة لا أنساها دخلت إلى هذه المقبرة والتي نحتت داخل صخر الهضبة التي أقام الفراعنة عليها أهراماتهم ومقابرهم منذ أكثر من خمسة آلاف سنة. ونزلت تحت الأرض بأكثر من 30 مترا، ورأيت الآثار التي عثر عليها في المقبرة من حُلي وأدوات زينة وأقنعة جنائزية جميلة وتوابيت مزخرفة بالنقوش.

وكان السؤال الذي يدور في ذهني ساعتها هو: هل يعقل أن يتولى أحد العبرانيين أرفع منصب في الدولة ويلي الفرعون مباشرة؟ وأن يسمح له ببناء مقبرته في بقعة مقدسة عند المصريين القدماء وهي سقارة التي اشتق اسمها من اسم الإله المصري القديم «سوكر» ـ إله الموت عند الفراعنة؟

لقد تهامس البعض من خلف الأستار.. أن هذه المقبرة تخص يوسف بن يعقوب.. خاصة أننا عثرنا على نصوص داخل المقبرة تشير إلى الدور الرفيع الذي لعبه «عبريا» إلى جانب الفرعون على الرغم من انحداره من أصل عبراني، وعلى حد قول البعض تحمل تلميحات إلى سيرة يوسف كما وردت في الكتب السماوية، وارتقائه المذهل لطبقات المجتمع وبلوغه مرتبة عزيز مصر وهي تساوي رتبة رئيس الوزراء.

ولكن ما يتعارض مع هذا القول.. هو أن يوسف «عليه السلام» قد عاش قبل حقبة العمارنة، أي قبل «1353 قبل الميلاد»، وأن رفاته قد غادر مصر على أيدي أحفاده وفقا لما ورد في سفر الخروج «13، 19».

ويرى المكتشف الفرنسي ألان زيفي أن نشأة «عبريا» وتربيته في نطاق البلاط الملكي تجعلنا نتذكر سيرة موسى «عليه السلام». وبما أننا في عهد العمارنة فلسنا ببعيدين عن «أخناتون» (الذي عمل عبريا في خدمته) وعقيدة التوحيد الخاصة جدا التي ابتدعها، وبالتالي يصبح كل شيء ممكنا حتى التصورات الخيالية والابتعاد عن الحقائق التي تتحدث بها الآثار.

إن عقيدة التوحيد التي نادى بها أنبياء بني إسرائيل ومنهم موسى «عليه السلام» تختلف تماما عن مفهوم «أخناتون» لوحدانية الإله، وإن اتفقوا على أن للكون إلها واحدا، فـ«أخناتون» لم يتخلص تماما من مظاهر وثنية متوارثة عندما جسد قوة الإله الواحد في قرص الشمس وصور أشعتها كأيدي الإله تمتد إلى البشر بالنور والضياء، كذلك فعل قوم موسى عندما غلبت عليهم النزعة الوثنية وقاموا بتجسيد إلههم في صورة العجل المقدس فاستحقوا غضبة موسى ونقمة الإله عليهم.. فكتب عليهم التيه في وديان ورمال وجبال سيناء أربعين سنة بطولها!

أما الوزير «رعموزا» فهو صاحب أحد أجمل مقابر الأشراف بالبر الغربي لطيبة «الأقصر» وتأخذ رقم «55» ويحب البعض نطق اسم صاحب المقبرة كـ«رعموسى»، وكان وزيرا في عهد اشتراك «أخناتون» في الحكم مع أبيه الملك «أمنحتب الثالث» من الأسرة الثامنة عشرة بالدولة الحديثة أي منذ حوالي 3500 عام.

ويرى الباحث إبراهيم محمد كامل أن اسم «موسى» شاع في مصر منذ أوائل الأسرة الثامنة عشرة والأسرة التاسعة عشرة، وهو لفظ مشتق من مصدر الولادة بمعنى «الولد» أو «الوليد». وكان يطلق على المصريين أحيانا مجردا بهذه الصورة، أو مقترنا بأسماء آلهتهم في أسماء مركبة مثل «رع موس»، «آمون موس»، و«إياح موسى» بمعنى «وليد رع»، «وليد بتاح» و«وليد القمر»... فهل كان سيدنا موسى يحمل اسم أحد آلهة الفراعنة قبل اسمه؟

أما «عبريا» فهناك احتمال أؤيده؛ أنه هو مصري وليس عبرانيا، وإن حمل اسما غير مصري. فهناك من المصريين وإلى الآن من يحملون أسماء قد تشير إلى جنسيات وقوميات غير مصرية رغم أنهم مصريون حتى سابع جد.

www.zahihawass.com