أخطاء كثيرة يقع فيها المديرون: كيف تتعامل مع المرأة في العمل؟

TT

حينما علم أحد الركّاب العرب أن من يقود الطائرة امرأة انتابه خوف شديد ولم تخفّ وطأته حتى حطت الطائرة بسلام في مدرج المطار! هذا من أغرب ردود الأفعال التي صرح بها المسافر المذكور بل ونشر ذلك عبر وسائل الإعلام.

ونتساءل: ماذا سيفعل هذا الراكب لو كان على متن أول رحلة للملكية الأردنية التي حلقت ـ قبل بضعة أيام ـ بطاقم نسائي بحت، في رحلة وصفها المسؤولون بأنها «فريدة من نوعها في العالم»! عندما التقت إحدى القنوات التلفزيونية بأحد الركاب قال: لو كنت أعلم أن الكابتن امرأة لترددت بالصعود إلى الطائرة! موقف هذين الرجلين قد يبدو طريفا لكنه أمر واقع في بيئات الأعمال العربية، حيث يفسر بعض الرجال (ومنهم المسؤولون) الاختلافات الفطرية مع المرأة بأنها دليل ضعف، لا يمنحها المقدرة الكافية على أداء عملها بالصورة المطلوبة، فيبدؤون بالتذمر وربما التفكير بالتخلص منها.

من هذه الاختلافات، التي يخطئ في تفسيرها المديرون، ما يجده أحدهم حينما يوبّخ إحدى مرؤوساته بشدة ليفاجأ بانهمار دموعها وبكائها فيسقط في يده، ولكن لو أدرك هذا المسؤول الحقيقة العلمية القائلة بأن لدى المرأة هرمونا يسمى الـ«برولاكتين» يساهم في أن تذرف الأنثى دموعها على نحو أسرع من الرجل لفكر مليّا بطريقة ألطف يوجه من خلالها انتقاده.

وبعض المسؤولين لا يطيقون ثرثرة المرأة، بل قد يعتبرونها سببا كافيا لاتهامها بتضييع وقتها في العمل، ولا يعلم هؤلاء أن المرأة كلما «فضفضت» عما يجول في خاطرها شعرت بسعادة غامرة كما أشارت إحدى الدراسات. وتبين أن هرمونا في جسم المرأة يدفعها للتحدث بكثرة أحيانا.

وقالت دكتورة الأعصاب النفسية بجامعة كاليفورنيا في سان فرانسيسكو الأميركية، لوان بريزندين في كتابها المثير للجدل «عقل النساء» إن: المرأة تتحدث نحو 20 ألف كلمة في اليوم، بينما يتحدث الرجل نحو 7 آلاف كلمة في المدة نفسها، أي إن المرأة تتحدث 3 أضعاف معدل كلمات الرجل. شخصيا، وجدت أن أقل دراسة اطلعت عليها أظهرت أن المرأة تتحدث بمعدل ضعف عدد كلمات الرجل. وهذا أمر صحي وليس «عيبا» كما يحلو للبعض تسميته، فبعض الأحيان تحتاج وظائف معينة إلى هذه النوعية من الموظفين الذين تتسع صدورهم للتحدث إلى الآخرين والاستماع إلى رأيهم بإسهاب، مثل موظفي خدمة العملاء أو التسويق أو المبيعات أو الاستقبال أو التدريس وغيرها.

بعض المسؤولين لا يدركون أن عقل الموظفة مثل «محطة قطارات مزدحمة» أما عقل الموظف فهو مثل القطار الواحد الذي ينتقل من المحطة (أ) إلى المحطة (ب). حيث اكتشف العلماء أن المرأة تفكر بأكثر من موضوع في آن واحد ويندر أن يتوقف عقلها عن النشاط لمدة طويلة، مقارنة بالرجل، الذي حين يتحدث ينصب جلّ تركيزه على التفكير في موضوع واحد، ولذا يشبّه عقله بالقطار الذي ينتقل في مهمة واحدة (من منطقة إلى أخرى)، أما المرأة فحركة التفكير لديها أسرع، وهذا لا يميز أحدهما عن الآخر ولكنها فطرة نكمل بها بعضنا البعض في العمل وخارجه، وربما هذا ما يدفع بعض الموظفات إلى الحديث المتواصل والمتشعب من دون أن يشعرن بالتعب أو الملل الذي قد ينتاب زميلها الرجل المنتظر دوره في الكلام بفارغ الصبر!

كما وجد العلماء أن ما يحفز المرأة في العمل هو التعامل الإيجابي معها وليس إغداق المال عليها. حيث أظهرت دراسة علمية أجريت في جمهورية الشيك (وأكدتها دراسة أميركية أخرى) أن ما يحفز الرجل في العمل في المقام الأول هو حصوله على عطايا مادية (الراتب ومكافأة نهاية العام) يلي ذلك التعامل الإيجابي في بيئة العمل، بعدها تعامل مسؤوله معه باحترام. أما المرأة فكان المحفز الأول لأدائها هو التعامل الإيجابي في بيئة العمل، يليه حسن تعامل مسؤولها أو مسؤولتها معها، وتقدير جهدها ومراعاة ظروفها العائلية. وهذا مؤشر واضح على أن المسؤول حينما يفكر أن «يطَيّب خاطر» الموظفة يجب أن يتريث قبل أن يكتفي بمنحها عطايا مادية وحسب، ناسيا أنها إنسانة تريد من يقدرها ويحترمها ويشعرها بكينونتها حتى تعمل بجد واجتهاد.

* كاتب متخصص في الإدارة

[email protected]