سلامته سلامة سلامة

TT

علمت من صفحة الثقافة في «الأهرام» أن الأستاذ سلامة أحمد سلامة متوقف عن الكتابة لسبب صحي. وتحت عنوان «عميد صحافة الرأي» كتب الدكتور محسن عبد الخالق أن «لبعض الكتاب صمتا له مذاق الغناء، إذا غابوا حضروا. الكتابة عندهم سلوك وأسلوب حياة». وتحدث عن «استقامة» الكاتب.

وكان الزميل مشعل السديري قد كتب قبل سنوات عن أحد الزملاء تحت عنوان «النظيف». وأعلن الأستاذ عثمان العمير انضمام أحد الكتاب إلى الجريدة بوصفه «المحترم».

ويمثل سلامة أحمد سلامة، بالنسبة إليّ، وفي هذه المرحلة بالذات من تاريخ مصر وحياتها، عدالة المهنة ورقيها. ففيما تغرق صحافة الموالاة في مدائح سطحية مكررة فيها احتقار لعقل القارئ وذكاء مصر، تتمادى صحافة المعارضة في مساخر اجتماعية وسياسية، وتهرّج في الصباح وفي المساء، بحيث لا يعود ممكنا تبين الحقائق وتمييز الصحاح.

وعندما أقول صحف المعارضة فأنا لا أعني الصحف المستقلة الراقية والمهنية. وعندما أقرأ معارضات علاء الأسواني في «الشروق» بكل حدتها وكل آدابها، يذهب تقديري أولا إلى النظام الذي منح الصحافة المصرية حرية لا مثيل لها حتى في لبنان، حيث الحرية والفوضى والسفه والسقوط، عنوان المرحلة السياسية وغياب الوفاق الوطني.

كان من متعي المهنية أن أقرأ نقد سلامة أحمد سلامة في «الأهرام»، صحيفة الدولة منذ إنشائها. نقد واع وفكر متيقظ وأدب جم لا يجارى. وفي رقي رفيع وصدق رفيع وأسلوب رفيع، يعبر عن هموم الناس وهموم الوطن وهموم الأمة، من غير أن يقبل الانضمام إلى أي جوقة كانت. الصحافة عنده أرقى وأهم من أن تصبح تقسيما على إيقاع سطحي رتيب متكرر وبلا أي عمق في التأمل أو في الرؤية.

ومثل عدد كبير من أترابه ـ وليس عددا قليلا على الإطلاق ـ رفض أن يستخدم الصحافة مطية، والمكانة سوقا، والموقع سبيلا. وكنت أغبط سلامة أحمد سلامة على مثابرته وطاقته على البحث والأبعاد التي يرى فيها الأشياء من حولنا. وعندما أسس «وجهات نظر» جعل منها أفضل تجربة ثقافية وأدبية منذ أن انتهى عصر المجلات الأدبية العملاقة كـ«الرسالة» و«الآداب» و«أبوللو» وسواها.

عندما يتوقف كاتب من هذه الفئة ـ ربي اجعله إلى حين ـ لا يكون السؤال من أي مدرسة هو بل من وكم من الزملاء سوف يكونون في مدرسته. ليس الأمر سهلا.