إلى السادة المذكورين أدناه

TT

ذهبت إلى مكتب البريد ومعي حمل من البطاقات. وقد تأملها الموظف واحدة واحدة، ثم ضحك، ثم قال معتذراً: لا خدمة بريدية دون عناوين. وبعض هذه البطاقات خالٍ حتى من الأسماء، ناهيك بالرمز البريدي. قلت له، لكنها بطاقات شكر وامتنان، وليس عندي هواتف هؤلاء السادة ولا هم يحملون جوالات على ما أعتقد. ونفض الموظف يديه بلطف، وقال متعاطفا بوضوح: لا أدري، جرب أن تنشر إعلاناً في الصحف.

شكراً إلى مخترع الأبجدية. سواء كنت فينيقياً من ديرتنا في حارة صيدا أم لا. شكراً. كلما قرأت كتابا جميلا أشكر الله على أنه منحك تلك الفكرة الجميلة: أحرف تكتب وتقرأ. سلمت يداك. لولاك لم أقرأ تولستوي هذا الصباح. وإلى الهر غوتنبرغ، مخترع الطباعة. شكراً. دعني أشد على يدك ولو أنها مغمسة بحبر أسود. هل تسمح لي أن أدللك. أن أسميك «غوتي». شكراً يا غوتي. لقد اخترعت لي مهنة أعيش منها وأمتع بها نفسي. كل الأوقات. كل الفصول كل العمر. ولا تنس أن تشكر الفراو قرينتكم العزيزة، لأنها تحملت كل تلك التجارب. وصبرت على جنونك. لله درك يا «غوتي». دانكيشن. وإلى الهر الآخر، مخترع الأسبرين. لعلك الهر «باير». تخيل لولاك لهدَّني الصداع هذا الصباح، وما استطعت الذهاب إلى مكتب البريد. من أي دماغ أتيت بهذه الفكرة العبقرية. كم لك عليَّ، أنت والأخوان رايت. بفضلهما سافرت في العالم خلال بضع ساعات بين قارة وأخرى. تصور، لولاهما لكنت تشردت في البلدان على قدمي، أو في عربات الآخرين، مثل جان جاك روسو. فقط تخيل الأمر. وإلى مخترع المراكب. فينيقي أنت الآخر؟ من بساتين صور؟ من حارة صيدا؟ من مرفأ الصيادين في جبيل؟ كيف أكافئك؟ سوف أدعوك إلى عشاء سمك في ميناء جبيل. طبعاً، سلطان إبراهيم. مقرمش أيضاً. لماذا كل هذا الامتنان؟ لأنك نقلت جدي، تامر، قبل مائة عام تماماً هذا العام، إلى المكسيك. صحيح أنه شكا من طول السبيل وبعض العواصف، لكن الأمر ليس مهماً. أنت مدعو إلى العشاء. وإلى المستر أديسون، طوماس أديسون، في نيويورك، ن.ي. شكراً خاصاً وعميقاً يا طوم. طبعاً على الكهرباء والنور. اسألني أنا ماذا يعني ذلك. فعندما ولدت وإلى السابعة عشرة كانت قريتي تستضيء بالقنديل. ألا تلاحظ كم هي مليئة بالقناديل مسرحيات الرحابنة. ثم ذات يوم قيل إن المستر أديسون قادم إلى الضيعة. فأقمنا أقواس النصر وكتبنا للمناسبة شعراً مهولا. مخمسا مردودا وعتابا وميجانا. وإلى المستر بل. يا عزيزي الكسندر. أو دعني أناديك اليكس. بفضل هاتفك هذا يا عزيزي اليكس، أستطيع أن أكلم ابنتي كل يوم من أي مكان في الأرض. والأهم أنني أستطيع أن أسمعها: حبيبي يا بابا.