العراق.. تفجيرات وتصفيات!

TT

يقال إن كل شيء جائز في الحب والحرب، وفي العراق يبدو أن كل شيء جائز أيضا حتى في الانتخابات. فبعد تفجيرات الأحد الدامي في بغداد عاد السجال مجدداً حول من يتحمل مسؤولية تلك الأعمال الإرهابية؛ فمن ناحية هناك اتهام لدولة خارجية، وبعد ذلك استخدام لاسم الفلوجة، وهو ما نفي لاحقاً، ولذلك مدلولات بالطبع. ثم جاء الدور على وزير الداخلية العراقي جواد البولاني من أجل تحميله مسؤولية التفجيرات الإرهابية الأخيرة، والمطالبة بإقالته، بينما يقول المنتسبون لوزارة الداخلية إن هذه خطوة من قبل حزب الدعوة، الذي ينتمي إليه رئيس الوزراء نوري المالكي، من أجل توجيه ضربة للبولاني الذي يعد منافساً للمالكي في الانتخابات العراقية القادمة.

ففي الوقت الذي كان قد أعلن فيه نوري المالكي عن قائمة «دولة القانون»، شكل البولاني قائمة «ائتلاف وحدة العراق»، التي ضمت قائد الصحوات، ورئيس الوقف السني، وشخصيات أخرى سعى المالكي لضمها إلى قائمته. ومن هنا فإن الشبهات التي تغلف طبيعة الخلافات السياسية العراقية تعد أكبر من الحقائق التي يلوح بها كل طرف.

فلو كانت الأوضاع في العراق طبيعية، وكان هناك إجماع على الاهتمام بالعراق كوطن، بغض النظر عن الطائفة وخلافه، لكانت المطالبة بإقالة وزير الداخلية مفهومة، ومقبولة، لكن العراق اليوم هو دولة محاصصات، وتحزبات، وللأسف فإن شدة التنافس على الانتخابات القادمة قد أشغلت الأحزاب، والشخصيات العراقية، عن المهمة الأكبر والأسمى، وهي خدمة وحماية المواطن العراقي. فالفوز في الانتخابات لا يبرر التضحية بكل شيء، بما في ذلك الأمن، وحماية المواطنين، فعملية اتهام البولاني عملية متكررة، ولها سوابق، وليست جديدة، فلماذا نصدقها اليوم؟ ففي تفجيرات الأربعاء الدامي تكرر الأمر ذاته، حيث كانت المطالبة وقتها بإقالة البولاني ثم تم الإقرار بأن أمن العاصمة العراقية يقع على عاتق قيادة عمليات بغداد التي تنفذ خطة العاصمة الأمنية منذ نحو 3 أعوام.

وعدا عن ذلك فقد بات المتابع في حيرة من أمره في الآونة الأخيرة إزاء مجريات الأمور في العراق، فبدلا من أن توحد تلك العمليات الإرهابية العراقيين، مسؤولين ومواطنين، من أجل تفادي مزيد من الأعمال الإرهابية وهو الشيء المتوقع مع قدوم الانتخابات، والانسحاب الأميركي من العراق، وهو أمر قاله المسؤولون العراقيون أنفسهم، فإننا نجد أن في العراق من يتفنن في إلقاء اللوم على الآخر من أجل تصفية خلافات سياسية.

بل إن المحير، هو ما قاله لصحيفتنا وزير الداخلية العراقي جواد البولاني، ردا على منتقديه الذين يطالبون بإقالته، حيث يقول «ليكن الملف الأمني الداخلي بيدي وأنا على استعداد للمساءلة من أي جهة عن الوضع الأمني الداخلي». والسؤال هنا من المسؤول عن الأمن الداخلي، ولماذا يتعرض البولاني للهجوم على عمليات إرهابية باتت مشبوهة من جراء شدة دقة تنفيذها، بل وتكرارها؟

ولذا فالواضح أمامنا أن الحرص على الفوز في الانتخابات العراقية القادمة حوّل العراق إلى ساحة مباحة لكل شيء، والمشكلة أن بغداد تختنق داخلياً وخارجياً، وكثير من ساستها لا ينظرون أبعد من كرسي الحكم!

[email protected]