لا تجنسوهم.. لا تبعدوهم!

TT

مفارقة غريبة تكشف كثيراً مما يدور في منطقتنا، حيث ينتقد المتحدث باسم الخارجية الإيرانية دولة الإمارات بسبب عدم تمديدها لإقامة عدد من الإيرانيين المقيمين على أرضها، بل إن المتحدث الإيراني عبر عن دهشته من الخطوة الإماراتية، قائلا إنها لا تصب في مصالح البلدين، مضيفا أنه «كان يتوقع من المسؤولين في الإمارات أن يزودوا المواطنين الإيرانيين بخدمات، أخذاً في الاعتبار دور المواطنين الإيرانيين في بناء الاقتصاد الإماراتي والتنمية».

حدث ذلك في الوقت الذي احتفت فيه مواقع إخبارية إيرانية بخبر المظاهرات التي جرت في البحرين احتجاجاً على ما يسمى بالتجنيس السياسي، وجاء في تقرير موقع «العالم» الإيراني ما نصه: «كل ذلك يجعلنا نتساءل عمّا إذا كان النظام الرسمي قد أصبح يعمل فعلا على استهداف الاستقرار والسلم الأهلي من خلال السياسات اللامسؤولة، والإمعان في استثارة المواطن والتفنن في إيذائه وإذلاله، والتضييق عليه معيشياً وأمنياً وسياسياً؟! وعمّا إذا بقي مسوغ للحديث عن الإصلاح والتنمية وشعار الأسرة الواحدة».

حسنا.. أي النموذجين هنا على دول الخليج الأخذ به؟ هل تقوم الإمارات، مثلا، بإرسال رسالة عرفان للإيرانيين المقيمين على أراضيها، وتميزهم لأنهم خدموا الإمارات وساهموا في بناء اقتصادها، كما يقول المتحدث الإيراني، أم أن على البحرين ألا تقوم بالتجنيس لأن ذلك سيمس بالتركيبة الاجتماعية، كما تدعي المعارضة البحرينية، وكما يردد الإعلام الإيراني، وبالتالي تقوم بطرد كل من خدموا البحرين وتتنكر لهم؟

فأي النموذجين يجب تنفيذه في الخليج العربي، حيث أن ما يفعله الإعلام الإيراني يعد أمراً محيراً، لأن طهران تتضايق مما يوصف بالتجنيس في البحرين، ومنزعجة من عدم تمديد إقامة بعض الإيرانيين في الإمارات، التي يحسب لها أنها احترمت المقيمين على أرضها من الإيرانيين رغماً عن أن إيران تحتل جزراً إماراتية وترفض حتى اللجوء إلى التحكيم الدولي، ناهيك عن حجم التبادل الاقتصادي بين البلدين!

ومن هنا نقول إنه من المهم النظر إلى الصورة الكبرى في بعض القضايا المطروحة، خصوصاً التي تستغل لإثارة الرأي العام، وتحديداً الخليجي، ومنها القضيتان اللتان نحن في صددهما؛ فالتجنيس والمواطنة ليس الأساس فيهما الطائفة أو غيرها، بل خدمة الوطن، واحترامه، وتغليب مصالحه، لا المصالح الخارجية، فالوطن، أي وطن، هو فوق الجميع، وفوق الطائفة أيضاً.

الإشكالية هنا مع الطرح والتعامل الإيراني، سواء الرسمي أو الإعلامي، في قضية ملف التجنيس في مملكة البحرين، أو قضية من انتهت إقاماتهم النظامية من الإيرانيين المقيمين في دولة الإمارات العربية المتحدة، تكمن في الازدواجية في المعايير، بل والتناقض في مواقف طهران، وكأن العالم لا يراقب، أو يتابع.

ولذا فلا بد من الحذر في التعامل مع الطروحات الإيرانية التي تهدف إلى إشغال الرأي العام، وتحديداً الخليجي والعربي، وإن اختلفت الشعارات، والقضايا.

[email protected]