حافظوا على جمال مصر

TT

مصر ليست للمصريين، بل لكل العرب. فما زال لمصر دور، وتأثير، من السياسة حتى الادب، ومن الفن حتى الاقتصاد، يزيد ويقل، لكنه موجود، وكما قلت سابقا، وما زالت هذه قناعتي، انه اذا صلحت مصر صلح الوضع العربي، والعكس صحيح.

لذا فقد أحسن الرئيس المصري محمد حسني مبارك عندما قال إن المؤسسات هي الباقية وإن الافراد زائلون، وإن الدستور هو الضمان والحكم وإنه يعلو فوق الجميع، فمصر ليست شركة، او مؤسسة صغيرة يمكن ادارتها بمجلس امناء، كما طرح مؤخرا في القاهرة، في سياق مناقشة مستقبل مصر التي امامها استحقاقات مهمة، منها انتخابات التجديد النصفي لمجلس الشورى، ثم انتخابات مجلس الشعب، وصولا الى انتخابات الرئاسة، بل ان فكرة الامناء في حد ذاتها فكرة عبثية توحي بأن مراهقي زمن جمال عبد الناصر لا يزالون في فترة المراهقة نفسها.

فعندما قال الرئيس مبارك في خطابه امام المؤتمر السنوي للحزب الحاكم في القاهرة «شهدنا طفرة كبيرة في الاستثمارات الاجنبية، فارتفعت من اقل من ملياري دولار في عام 2005 الى ما يتجاوز 10 مليارات دولار في المتوسط سنويا»، فان لذلك دلالات مهمة، لها صلة بالماضي والحاضر، وتكشف لماذا قلنا مراهقي زمن عبد الناصر.

فعندما تطرح فكرة مجلس امناء لمصر، وهذا يعني الغاء الدستور، والمؤسسات، فان من شأن ذلك ان يقلق، بل وينفر، المستثمر الاجنبي في مصر، سواء من يريد تأسيس شركة بملايين الدولارات، او من يريد شراء شقة بمئتي الف جنيه مصري، لأن ذلك يذكر المستثمر بكل بساطة بقرارات التأميم التي اتخذها عبد الناصر، والتي يبدو انها فكرة مراهقي الامس واليوم أنفسهم، وهو ما جعل مصر تفقد ثقة المستثمر. والسؤال ببساطة هو: ما الذي يضمن ان لا يأتي حاكم مولع بالشعبية والشعارات المزيفة ويتخذ قرارا يؤدي الى تبخر اموالي كمستثمر مثلا؟

فرغم الحروب التي تطال لبنان، والقلاقل الداخلية، او على الحدود مع اسرائيل، الا اننا نجد من يستثمر في لبنان، وخير مثال العقار، وذلك لسبب بسيط وهو انه رغم الازمات والحروب لم يفقد احد ملكيته على ما يملك، بينما جاء التأميم بمصائب حتى على من احبوا، وايدوا نظام عبد الناصر.

وعليه فإن مصر دولة كبيرة ومؤثرة، واكبر من ان تكون حقل تجارب، او مسرحا لأفكار قديمة، الجديد فيها هو انه تمت ازالة الغبار عنها اليوم، بل ان مصر عامل استقرار للمنطقة كلها، وعمق حيوي لدول البحر الاحمر، ناهيك عن العالم العربي، كما انها صمام امان امام التطرف الديني، والطائفي، ومن الصعب تقبل فكرة ان تكون دولة مجلس امناء، او دولة مرشد، بل يجب ان تكون دولة فتية، وان كان عمرها يمتد لقرون، كما يجب ان تكون دولة مؤسسات، واحزاب مستقلة، ليست دينية او خارجية الهوى، لأن المؤسسات هي الجبال الرواسي التي تثبت الاستقرار والثقة في الدول.

ولذا نقول لاهل الكنانة حافظوا على جمال مصر!

[email protected]