فتنة كبيرة.. والحل بإطاحة المالكي ديمقراطيا

TT

في 17 من الشهر الماضي، أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أنها تعمل على توطين أكثر من (82) ألف لاجئ عراقي في (15) بلداً ووجود نصف مليون عراقي بحاجة إلى ذلك أيضا، من بين أكثر من مليوني لاجئ عراقي خارج بلدهم، وخاصة في الأردن وسورية. وهكذا تتبلور أبعاد خطط إفراغ العراق من علمائه وقادته ورموزه الوطنية من عسكريين ومدنيين. وغالبيتهم العظمى من العرب السنة، ومن المؤسف و(التخلف) استخدام مفردات طائفية، لكن خطورة التصرف (الرسمي) الطائفي تفرض المكاشفة والقول الصريح من دون لف ودوران وتلطيف زائد للألفاظ، وليكون الوطنيون من الشيعة على بينة مما تقوم به حكومة المالكي من ممارسات مفككة للنسيج الوطني المتشابك.

ولا يثبت تصريح المفوضية كذب سياسيين يتحدثون من بغداد ويحاولون التقليل من عدد اللاجئين فحسب، بل يعكس ضلوعهم في مؤامرة كبرى يراد بها تهجير العرب السنة حصراً والمسيحيين وقادة وطنيين من الطوائف الأخرى. فهل سمع أحد أو قرأ عن وجود بضعة أشخاص (فقط) من نظام ديموقراطي لاجئين في دولة أخرى؟

أين أميركا وأين حقوق الإنسان؟ وهل هذه هي الديموقراطية التي وُعد بها العراقيون، التي أوكل تنفيذها للمالكي وفريقه الدعوي؟ وبما أن رئيس الحكومة هو الرئيس التنفيذي للسلطة، فعليه تقع مسؤولية كبرى في ما حصل من تهجير، أو على الأقل في الإبقاء على عوامل عدم عودة المهجرين إلى ديارهم. وما إرسال طائرته (الخاصة) ببضع رحلات لإعادة عشرات أو مئات اللاجئين إلا ذراً للرماد في العيون، وإن إبقاءه على الشد في طرق التعامل وتخويف الناس يعد من أسباب عزوف اللاجئين عن العودة إلى بلدهم.

والغريب أن صلف بعض السياسيين العراقيين وصل إلى حد الطموح بحرمان ملايين المهجرين من حق التصويت، أو أن يجعلوا الحق منة عليهم، مما يترك للشريحة الأم التي ينتمون إليها، على الأقل، حق اتخاذ موقف يرتقي إلى مستوى مقاطعة الانتخابات، في حال حرمان المهجرين من التصويت، لما يتركه أكثر من مليون صوت من تأثير على المعادلات السياسية. وتتطلب الحالة وقفة جدية من قبل الشرائح الوطنية شيعة وسنة، وضرورة تكوين مؤسسة حقوقية عراقية للمطالبة بضمانات دولية لإعادة المهجرين إلى ديارهم وضمان حقوقهم المالية ومنع مساءلتهم بتهم مفبركة، وإلغاء قانون المساءلة والعدالة، وإبطال الدعاوى الكيدية. ويفضل أن يكون مقرها الرئيسي في دمشق، بسبب وجود الثقل الأكبر للاجئين فيها. أو أي دولة عربية معنية أخرى.

وفي مجال مماثل، تُرصد تصرفات مفضوحة للحكومة الحالية. بالعمل على استملاك مساحات كبيرة حول مراقد سامراء وإزالة المباني، لتبلغ مساحة منطقة المراقد نحو 250000 متر مربع كخطوة أولى. وإذا ما خصصت فعلا كما هو معلوم للوقف الشيعي لإقامة منشآت حوزوية وغيرها، فإن المخطط يعكس مشروعاً خطيراً لتغيير الهوية الدينية لمدينة لها خصوصية خاصة (مطلقة)، وفق منهج مرسوم، بسلطة الدولة وإمكاناتها وأموالها. وخطوة كهذه يمكن أن تؤدي إلى فتنة كبيرة يتعدى نطاقها الإقليم. وإلا فإن من المفروض أن تكون الاستثمارات لمصلحة المدينة وباسمها، وليس للوقف الشيعي أو السني الذي سُحبت المراقد منه. ومن حق أهل سامراء تثبيت اعتراضهم بتظاهرات سلمية ومواقف إعلامية، وليس منعهم كما هي الحال، طبقاً لما بلغني. وإذا ما أصرت حكومة المالكي على غايتها، يصبح الطريق مفتوحاً لتقديم شكاوى إلى المحاكم الدولية ضد رئيس الحكومة، وتتولى المؤسسة الحقوقية المتابعة. ووفقاً لمعلومات متاحة، فإن مؤسسة الكوثر الإيرانية تتولى تهيئة الأموال اللازمة لاستغلال فرص المشروع.

وهنالك من يقول إن التوسعة سبق أن نفذت في مدن كربلاء والنجف لمصلحة الوقف الشيعي. فالحالتان مختلفتان تماماً بحكم اختلاف الخصوصيات الخاصة بين المدينتين وسامراء. والذين يحاولون التسويق والربط يضحكون على أنفسهم.

وفي الحالتين، التهجير ومؤامرات تغيير الهوية، يُنتظر من الفضائيات المميزة والمعنية بنشر العدل والديموقراطية، تغطية هذين الموضوعين الخطيرين، كما أدعو جريدة الشرق الأوسط الغراء إلى إجراء تحقيقات مفصلة حولهما. ولكشف تفصيلات كثيرة عن الدور الإيراني في ما يجري. علما أن سامراء تعد المدينة الوحيدة في العالم المطوقة بأسيجة خرسانية وخنادق بالرغم من أنها تعتبر حالياً من أكثر المدن أمناً.

ومن الضروري أن يتنبه العرب والغرب إلى مشاريع فريق المالكي المفضوحة. وعدم الوقوع في فخ ابتعاده المصطنع عن نظام الخمينيين. وبعد أربع سنوات ثبت عدم وجود حل للأزمات إلا بإطاحة المالكي وفريقه ديموقراطياً، واجتثاث نهجه ومحاسبته، ليصبح عبرة، ومنع وصول فريق مماثل إلى الحكم. ولا بد من البديل العلماني بعيداً عن التخلف الطائفي والعرقي، وإلقاء مثيري الفتن إلى حيث يحق عليهم.