ثلاثون عاما وطهران تنتظر التوبة

TT

بعد نحو ثلاثين عاما كل شيء تغير في إيران إلا النظام. ما الذي حدث بعد السنوات الثلاثين في طهران؟ توبة عامة شملت صناع العهد القديم.

العديد من الناشطين في تلك الحقبة تخلوا عن الفكر الثوري، بما فيهم الأكثر تطرفا مثل قائد عملية اقتحام السفارة نفسه الذي أصبح من دعاة المصالحة. تاب أيضا عدد من القادة السياسيين مثل هاشمي رافسنجاني، ورجال آية الله الخميني مثل مهدي كروبي، وحسين موسوي الذي كان رئيسا لوزراء إيران في عهد الخميني، وعشرات من رجال الدين، والوزراء، والسفراء، كلهم تخلوا الفكر الثوري، وآمنوا بالفكرة الوطنية ومفهوم الدولة الإيرانية الحديثة، لكن لعبة الحكم أبقت على الأكثر تطرفا وها نحن أمام عهد آخر مكرر.

وإذا كان التائبون من الجيل القديم الذي أسس النظام الحالي ربما ليسوا الأغلبية، فإن أغلبية ساحقة من الجيل الجديد من الإيرانيين بالتأكيد لا يحملون نفس الفكرة القديمة بل هم من أتباع الدولة الحديثة، وهذا ما سبب الزلزال الكبير في انتخابات يونيه الماضية، فأغلبية الإيرانيين لا علاقة لهم بفكر الثورة، ولا يريدون تصديرها، ولا يهمهم كيف يعيش العرب أو الباكستانيون، أو ماذا يفعل الأميركيون بل يريدون تغيير أوضاعهم الداخلية الصعبة.

لهذا نرى في يوم ذكرى ثلاثين عاما على أزمة السفارة، نرى انقلاب المفاهيم، حيث تنشر السلطات قواتها لمنع التظاهر أمام نفس السفارة، خشية المطالبة بتغيير النظام الإيراني نفسه. إنها لحظات تاريخية اليوم تعبر عن الرغبة في الانعتاق من إرث أرهق الإيرانيين، وأقلق العالم لعقود ثلاثة، ووصل إلى مرحلة لا يمكن لقيادة أحمدي نجاد تجاهلها.

قيادة إيران التي تريد فرض حل على اللبنانيين والفلسطينيين واليمنيين وغيرهم تواجه نفس التحدي، هناك من يريد فرض سياسة تخالف سياستها. الفارق أن ما يحدث في الداخل الإيراني نما بشكل طبيعي وخرج من رحم أزمة محلية. ورغم محاولات النظام الترويج بأنها صناعة أياد أجنبية إلا أنه فشل في إلغاء المظاهر الواضحة بأنها صناعة محلية. ولو كانت لدى  النظام الثقة في نفسه لترك اليوم يمر طبيعيا إلا أنه خاف وحذر الإيرانيين من مغبة التظاهر إلا لمن يؤيده في ذكرى رهائن السفارة. يعرف أن هناك ملايين الإيرانيين سيخرجون رافعين الأعلام الخضراء معارضين للنظام.

وسواء بنت إيران قنبلتها النووية أو أرسلت آلافا من أفراد الباسيج والحرس الثوري، فإن التغيير آت في نفس المدينة التي غيرها أهلها عبر الشوارع قبل ثلاثين عاما. الشاه هو الذي بدأ مشروع القنبلة النووية، وبنى جيشا جرارا وأطلق صرخة بأنه يريد أن يكون شرطي المنطقة ولن يرضى بدون ذلك، لكن طموحه إلى الخارج أفشله فهم ما يحدث في الداخل. لم ينفعه مروعه النووي ولا جيشه ولا طموحاته الإقليمية. النظام الديني في طهران يرتكب نفس الحماقة، لا أعني مشروعه النووي بل تحديه لرغبة ملايين الإيرانيين بالتغيير.

[email protected]