لأول مرة: الملك فهد!

TT

رأيت جلالته بين الناس. لم أكن بعيدا. وإنما قريب منه. ولكن لا أسمع ماذا يقول. إنه يقول قليلا. ولا يظهر على وجهه أنه أصدر أمرا. فهو لا يحتاج إلى كلام. فكلامه أوامر. وهي كلمة أو كلمتان وتتغير الدنيا من حولنا.

ولكن لم نتغير في ذلك اليوم.

بدا الملك مهيبا، وعلى وجهه ابتسامة حلوة لا تظهر كثيرا. والناس عيون عليه. تحولوا إلى عيون تراه وآذان تنتظر أية إشارة. أو كلمة أو كلمتين. وكان الرئيس السادات يكلمه. وأحيانا يضحكان. وكان الملك أقل كلاما. وكل الناس من حوله يضحكون عندما يضحك الملك.

والتفت أرى حاشية الملك من الأمراء الذين لا نعرف أسماءهم. في هذا اليوم رأيت الأمير عبد العزيز بن فهد. فتى صغير في السن مرح يمشي بسرعة لا أعرف إلى أين.

كانت مفاجأة لي أن وجدته يعرفني ثم قال لي: أنا قرأت لك كتاب كذا وكتاب كذا. ثم مضى..

كانت مفاجأة أدهشتني. وعرفت من السعوديين أنه يحب القراءة وأنه يجمع الكتب الأدبية القديمة والجديدة رغم أنه صغير السن.

وتحرك الناس إلى الخارج واحدا واحدا واثنين اثنين. وكان خروج الناس دون سبب أو دون إذن أو لعل الاجتماع قد انفض. وهم يعرفون ذلك أكثر منا.

وسألنا: هل البروتوكول عندكم أن نظل جالسين حتى يفرغ الملك من الطعام.

قالوا: بالعكس أنتم ضيوف الملك فلن يخرج من مجلسه قبل خروج الضيوف..

قلت: آه يجب أن ننطلق لكي ينطلق الملك أيضا. سألنا: متى نخرج؟ قالوا: أي وقت.. أنتم الضيوف.

يا سلام. الملك ينتظرنا حتى نأكل وينتظرنا حتى نفرغ من الطعام والقهوة. وإذا خرجنا كلنا يتحرك جلالته..