من غشنا فليس منا

TT

قرأت في كتاب (تراثي) عن هذه الحادثة التي تقول:

يحكى أن رجلا صالحا كان يوصي عماله أن يكشفوا للناس عن عيوب بضاعته إن وجدت، وكلما جاء مشتر أطلعه على العيب، فجاء ذات يوم يهودي فاشترى ثوبا معيبا، ولم يكن صاحب المحل موجودا فقال العامل: هذا يهودي لا يهمنا أن نطلعه على حقيقة الثوب، ثم حضر صاحب المحل فسأله عن الثوب فقال: بعته لليهودي بثلاثة آلاف درهم ولم أطلعه على عيبه، فقال: أين هو؟ فقال: سافر مع القافلة، فأخذ الرجل المال معه ثم تبع القافلة وأدركها بعد ثلاثة أيام.

فقال: يا هذا شريت ثوب كذا وكذا به عيب، فخذ دراهمك وهات ثوبي، فقال اليهودي: ما حملك على هذا؟

فقال الرجل: الإسلام وقول رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ «من غشنا فليس منا».

قال اليهودي: والدراهم التي دفعتها لكم مزيفة، فخذ بدلها ثلاثة آلاف صحيحة وأزيدك أكثر من هذا: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.

ولا أدري مدى صحة هذه الحادثة من عدمها، لأنني بطبيعتي إنسان «شكّاك» ـ خصوصا فيما يتناقله الرواة ـ ولكنني لا أستبعد مشكلة الغش والكذب، وكذلك الأمانة والصدق بين كل الناس بجميع أجناسهم ومذاهبهم وأديانهم، ومن يقول غير ذلك، فالله حسيبه.

* * *

يهمني جدا ما نشرته صحيفة «ديلي ميل» البريطانية من آخر إحصاءات المسح وورد فيها أنه:

يظهر أن المرأة لا تستطيع أن «تكتم سرا لأكثر من 47 ساعة، وهي ثرثارة بطبعها»، وغالبا ما تخبر شخصا واحدا على الأقل بعد 47 ساعة و15 دقيقة كحد أقصى.

وشملت الدراسة 3 آلاف امرأة تتراوح أعمارهن بين 18 و65 سنة، وقد اعترفت 4 نساء من أصل 10 أنهن غير قادرات على الاحتفاظ بسر مهما كان شخصيا. كما أكد أكثر من نصف النساء أن الكحول يشجعهن على البوح بالأسرار.

لا أكذب عليكم أنه رغم اهتمامي بتلك الإحصائية فإنني قد انزعجت جدا، خصوصا أنه سبق لي أن أفشيت كثيرا من أسراري «المنيّلة»، للابسات «الخلاخل والحجول»، ولكنني حمدت ربي و«تنفست الصعداء» عندما عرفت أن «الخمرة» قاتلها الله هي من تحرض على الثرثرة وإفشاء الأسرار، وبما أن نساء العرب والمسلمين لا يعاقرن هذه الرذيلة أعاذنا الله منها، إذن فهن بعيدات كل البعد عن «القيل والقال»، وهم أكثر نساء الأرض في حفظ الأسرار وكتمانها.

فاللهم يا رب العالمين، احفظ لنا نساء العرب والمسلمين وقصر من ألسنتهن إلى أقصى حد ممكن.