في ضيافة الملك فهد

TT

أثناء حرب الخليج جئنا مع الرئيس مبارك إلى السعودية. وكانت زيارة هامة. ولكي نطير في الأجواء السعودية صدرت أوامر ألا تطير أية طائرة أخرى.

وكان الملك ينتظر الرئيس مبارك عند سلم الطائرة. وهذه لفتة ملكية سامية. وكان الملك سعيدا. ووجهه قد أضيء تماما. وكان عناق الملك والرئيس.

وظهرت الفرحة على كل الوجوه. ونحن أيضا كلنا سعداء ضاحكون وبالأحضان والقبلات مع الأصدقاء والزملاء. فالزيارة وحدها لفتة حميمة من الرئيس مبارك. فالسعودية لها مكانة رفيعة عند المصريين. وينظرون إليها باحترام. والسياسيون يقولون أن لا شيء يحدث في الشرق الأوسط إلا إذا رضيت عنه السعودية ومصر وسورية. وهذا الثالوث هو رمز القوة والأمان في الشرق.

وجاء الطعام. أو بقية الطعام الذي هو خراف على كل مائدة. إنها كثيرة جدا. فالحاضرون كثيرون ولا بد أنهم من كل الفئات الملكية والرسمية والشعبية.. ففي السعودية أنت لا تعرف الفرق بين الأمير والخفير. كلهم في زي واحد. والأمراء في زي أشيك. ولكن بينهم نوع من المساواة. أو حرصهم على المساواة.

واكتمل الطعام على الموائد وظهرت تعاستي. ولا أعرف ما الذي أفعله. وامتدت الأيدي وانشغلت ووقفت أحرك يدي يمينا ويسارا. والتفت الرئيس مبارك وأشار لي بما معناه: مالك؟

وذهبت إلى الرئيس وعلى مسمع من جلالة الملك: يا جلالة الملك أنا الجائع الوحيد هنا. قال: ليش؟. قلت: يا جلالة الملك أنا نباتي ولا آكل اللحم. وسألني بسرعة: أيش تبغي؟ قلت: قطعة من الجبن يا جلالة الملك. أكذب لو قلت ماذا قال الملك.. وبماذا أشار الملك. فأنا لم أسمعه. وقبل أن أصل إلى مقعدي ظهرت مائدة من أنواع الجبن أعرف بعضها والباقي لا أعرفه. كأنها هبطت من السماء.

وفوجئت بأن الضيوف قد انصرفوا عن اللحم وأقبلوا على الجبن. وما هي إلا لحظات حتى اختفى كل شيء. ولمحني الملك فانحنيت شاكرا!