هل يعيش الفلسطينيون بدون أبو مازن؟

TT

لنتذكر أن الرئيس الفلسطيني مهما كان اسمه يعتبر رقما مهما في العالم العربي وليس فقط في الضفة الغربية، سيكون الوصي على القضية الأولى وصاحب شرعية استثنائية في المحفل السياسي في الشرق الأوسط، وبالتالي نحن نتحدث عن مسألة تهم الجميع. وقد رمى محمود عباس الجميع في بحر من الفوضى عندما أعلن أنه لا ينوي أن يكون رئيسا، رافضا خوض الانتخابات المقبلة التي يحين موعدها بعد تسعة أسابيع. وبسبب قراره صاروا كلهم الآن في ورطة. فحماس التي خونته وطالبت بطرده وحاولت قبل ذلك اغتياله، لم تعرف ماذا تقول، تبتهج أم تقلق. القيادات داخل السلطة الفلسطينية لم تبد عليهم المفاجأة ولم يتجرأوا على ترشيح أنفسهم مكانه بعد. والأميركيون، رغم انتقادهم الهامس لأبو مازن، قالوا سيتعاملون معه مهما كان موقعه، مما أعطى انطباعا أنهم سيصرون عليه رئيسا. ومع أن الحكومات العربية ظلت صامته إلا أنها على اختلاف تعاملاتها مع الرئيس أبو مازن لا تريده يغادر على الأقل دون ترتيب البيت الفلسطيني.

لهذا هل يمر يناير المقبل بدون محمود عباس رئيسا؟

نعم، ولكن ليس بلا مخاطر على السلطة التي بدون أبو مازن تبدو عارية وكادت أن تتفكك في انتخابات فتح الأخيرة.

وقد تبين أن مسألة الخلافة السياسية عملية خطرة في مجتمع تعود على فرض القيادة لا سؤال الناس عمن يرغبون. فالمجتمع الذي لم تترسخ فيه ثقافة وممارسة الديموقراطية يعاني في مناخ الانتخابات منه في فرض الحكم عليه، وهذا ما دار في الانتخابات الفلسطينية السابقة، بالخلاف مع حماس التي سمحت لها فتح بالدخول لتهجم على كل شيء.

التخبط بحثا عن بديل لأبو مازن يمكن أن نعتبره إيجابيا، وهو أن فتح نضجت رغم شقاقها وحافظت على انضباطها خلال سنوات ما بعد عرفات، ودانت بالولاء لخليفته ولم يحاول أحد منهم منازعته الحكم، ولم يتقاتل الجالسون في الصفوف الأمامية خلال السنوات التي تلت توليه الرئاسة في عام 2004. انضباط نادر خاصة أن العديد من القيادات الفتحاوية كانت تعتبر نفسها صاحبة حق في خلافة عرفات، لكنها قبلت زعامة أبو مازن رغم أنه فاز بأغلبية بسيطة، 62 في المائة فقط من الأصوات الفلسطينية.

قرار أبو مازن الخروج من اللعبة السياسية أوقع الجميع في حرج لأنهم حسبوا المرحلة المقبلة بناء على أن فتح ستكسب، وأبو مازن سيكون الرئيس بلا منازع، وحماس ستقاطع. الآن أبو مازن قرر الخروج، ويبدو أنه يعني ما يقول، ووضعهم أمام السؤال المخيف، من هو الرئيس الفلسطيني المقبل؟ لا يوجد إجماع على زعيم إلا الإجماع على أنه لا توجد زعامات حاسمة في الساحة الفلسطينية، ولا يوجد بديل جاهز لقيادة الشعب الفلسطيني. الاسم الوحيد المطروح هو مروان برغوثي، المناضل الذي لمع نجمه في إدارته معركة الانتفاضة قبل اثنين وعشرين عاما، واجتهد الإسرائيليون لإطفاء شعبيته بسجنه عدة مرات، وأخيرا حكموا عليه بالحبس مدى الحياة. كان قائدا ميدانيا مهما، لكنه لم يجرب زعيما سياسيا، والأمر المؤكد أنه الاسم الوحيد الذي لو قاد فتح سيلغي مزاعم قادة حماس بالبطولة والتضحية، إنما دون ترؤسه عقبات عديدة.

[email protected]