الزيجات صارت جزءا من السياسة الخارجية

TT

قاضي المحكمة في القاهرة الذي حكم على ابراهيم السيد موسى بالسجن 15 عاما لأنه ابتدع وسيلة جديدة لاستعادة أطفاله من زوجته الالمانية، اصاب قلب الحقيقة عندما قال ان المتهم كان يعرف القانون قبل ان يتزوج في المانيا، وبالتالي عليه ان يتحمل تبعات قراره. وقصته انه خطف اربعة سياح ألمان، وقال في المحكمة انه استضافهم، مطالبا بطفليه من المانيا ورافضا الافراج عن السياح الذين لا علاقة لهم بزوجته الا رابط الجنسية. وعندما صدر الحكم زعق وأغمي عليه، لكن القاضي اعتبرها جريمة خطف تحت تهديد السلاح وهي من الجرائم العظيمة في نظر القانون.

وخلافا لموقف محكمة القاهرة فإننا اعتدنا ان تهب الصحافة ووزارات الخارجية وسفاراتها لمناصرة اطراف القضايا العائلية بناء على جنسياتهم، استجابة للضغوط المحلية. صار عرفا ان تهب السفارات وحكوماتها لنجدة الزوج الذي هضم حقه في تقسيم العائلة او تقسيم امواله امام محكمة «اجنبية» لإعادة حق الأب العربي او تطبيق شريعة الزواج الاسلامي. وكما نرى قفز المتحمسون فاستنتجوا من شكاوى الطلاق والخلافات الزوجية انها حصر في منسوبي الجنسيات المختلطة، وفي هذا مبالغة. صحيح ان العش الزوجي المختلط اكثر هشاشة وعرضة للخراب، الا انه جزء من اختلاطات الانتقال السكاني الذي دفع بملايين الناس في اتجاهات مختلفة ومن حصيلتها الزيجات المختلطة. لكنها ليست كما يشتهي كثيرون تصويرها على انها حالة شاذة في العلاقات الاجتماعية، وهي في واقع الحال جزء من شيوع الطلاق الذي اتسعت ارقامه بين المحليين في داخل المجتمع العربي نفسه. ومن اطرف حكايات هذه المساندة العمياء ان زوجا حبس في قضية نزاع نشب بينه وبين زوجته بعد طلاقه، كلاهما عربيان، في محكمة اوروبية فاستنجد بصحافته المحلية التي هبت لنجدته بلا سؤال أو مراجعة روايته، حتى اضطرت الزوجة الى ان تدافع عن نفسها فكشفت ان مطلقها ليس الا صاحب سوابق عديدة من بينها زيجات وهمية وقضايا احتيال مالية، وانه هرب من عدالة بلده ليقع في قضاء كان اكثر قسوة. ودلالة حادثة القاهرة ان القاضي لم ينظر بعين العطف الى الأب الخاطف لسبب ان الزوج اقترن وفق قانون زواج آخر، وعليه ان يتحمل تبعاته يوم وقع الطلاق. ولأن العقد شريعة المتعاقدين، فانه ومن مثله يعلمون جيدا عندما وضعوا انفسهم في القفص الذهبي ان مفتاحه في يد القانون الذي وقعوا عليه. والامر في حالة موسى انه وقع على عقد زواج يتبع النظام الالماني لا المصري، وبالتالي توجب عليه ان يدفع ثمن فعلته عندما حان وقت الاحتكام. وجرت العادة عند بعض المعلقين على تجاهل هذه المسؤولية، مسارعين الى مناصرة الزوج ابن البلد كما لو ان حقه في بلاده حق له في كل مكان في العالم.