نساء بالأسود

TT

كتبت قبل بضعة ايام عن فضائل وجماليات اللون الاسود. وصلنا الآن نبأ النساء بالاسود Women in Black. كتبت الصحف العالمية الكثير عنهن في الآونة الاخيرة. ازداد الاهتمام بهن بعد معرفة الدور الرائع الذي يلعبنه الآن في فلسطين. ففي اسرائيل ولدت النساء بالاسود قبل سنوات، اي في عام 1988عندما خرجت مجموعة من النساء الاسرائيليات المؤمنات بالسلام والتعايش بين العرب والاسرائيليين. نظمن انفسهن في تظاهرات وتيقظات Vigils احتجاجا على التجاوزات ضد العرب واستعمال العنف بين الطرفين. انهن يلبسن الاسود حدادا على ما يجري من العنف والتقتيل. ويقوم اسلوبهن على الوقوف امام المؤسسات او مراكز المصادمات وقوفا سلبيا كرقيب على ما يجري وتسجيل ما يقع وفضحه، وفي حث المتنازعين على عدم استعمال العنف في حسم نزاعهم.

لقي عملهن نجاحا كبيرا ادى الى انتشار الاسلوب في ايطاليا ثم يوغوسلافيا (ضد العدوان الصربي على المسلمين) ثم بريطانيا حيث استعمل ضد برامج التسلح النووي وضد القصف الجوي على العراق. كما تظاهرن في لندن في الثمانينات ضد التعسفات والاعتداءات الاسرائلية.

لماذا نساء فقط؟ تجيب الناطقات باسم الحركة ان النساء اخلص الى السلام وابغض للعنف والحرب من الرجال. انهن في الصف الاول من ضحايا الحروب الحديثة، فهن يشكلن الاكثرية الساحقة بين المشردين واللاجئين. لاحظ النساء بالاسود انهن حتى في ظروف التعاون مع الرجال الذين يحملون نفس الافكار ويعملون من اجل نفس الاهداف، يجدن انفسهن يصبحن ضحايا لهيمنة الرجل وعدوانه. فقلما يعطيهن رفاقهن الفرصة للكلام والمشاركة في النقاش. وعندما يحتدم الجدال يجدن اصوات الرجال العالية تغطي على اصواتهن.

هذا في الواقع شيء طالما لمسته حتى في الجلسات الاجتماعية الخاصة. فكلما حاولت سيدة ان تقول شيئا او تبدي رأيا قاطعها زوجها او اخوها او ابنها واسكتها او غطى عليها بصوته.

لا اجدها في آخر الجلسة إلا وخلدت للسكوت واستسلمت لسيادة الرجل. تخرج في الاخير لتذهب الى المطبخ لتغسل الصحون او تحضر القهوة، او تنزوي مع صويحباتها في غرفة اخرى بعيدا عن الرجال. النتيجة هي انها تفقد القدرة على التفكير والمساهمة وابداء الرأي، او الرغبة في ذلك.

تتحول الى كرنبة كما يقول الانجليز.

هروبا من كل هذا الاستعباد الذكوري، نظمت هؤلاء النساء انفسهن بهذه الفرق السياسية السلمية التي تتجاوز الحدود والسدود، مفتوحة لكل مخلوقة من اي بلد او مذهب كان، طالما كانت تحمل جواز سفر لم يكتب عليه «الجنس: ذكر» يتعرضن الآن في اسرائيل لكثير من الملاحقة والقمع في مجموعات تشترك فيها فتيات من مختلف الجنسيات. سأحيي هذه المجموعة النبيلة من النساء بالتحية، المجدية الوحيدة: شيك الى عنوانهن: WIB, C/O MAYPOLE FUND, P.O.BOX: 17042 LONDON N16 5WB