لثاني مرة: العقاد!

TT

لا أذكر الآن من الذي قال لي أن نزور معا العقاد. كانت الدعوة مفاجأة. العقاد وفى بيته. العقاد نراه ونحدثه ونسمعه. ووصف لي مجالس العقاد التي حضرها. أي واحد يستطيع أن يذهب للأستاذ العقاد. ويسعده ذلك. وقال لا تكاد تدخل حتى يجيء عصير الليمون وبعده القهوة. لأي واحد. والعقاد يتكلم ويضحك بصوت عال ويحتفي بضيوفه ويحدثهم ويسألهم ويسألونه أيضا ويجيب. ياه أرى الأستاذ العقاد العظيم. أراه وهو يفكر أراه وهو يرتب أفكاره. هو شخصيا..

وارتديت ملابس جديدة. وذهبت مبكرا. قال لي أنا ذاهب إليه في الساعة العاشرة. فذهبت في الثامنة صباحا. ورأيت البيت. البيت رقم 13 والشقة رقم 13 كما كتب العقاد. وأنه لا ينزعج من هذا الرقم. وأنه يضع على مكتبه تمثالا للبومة التي يتشاءم منها الناس. إنها البومة رقم 13..

وصف السلالم التي يصعدها العقاد كل يوم والتي كتب عنها يقول: صعدتها ثلاثا ثلاثا وصعدتها اثنين اثنين. واليوم أصعدها واحدة. كنت أصعدها وبياض شعري يتوارى في سواده واليوم أصعدها وسواد شعري يتواري في بياضه.

وأنظر إلى سلالم البيت كأنها مشتركة في عظمة العقاد. ولكنها سلالم غير نظيفة وكئيبة، ولكن لأنها تؤدي إلى شقة الأستاذ لها دلالة ومعنى آخر. ووجدت باب الشقة مغلقا. هل أضرب الجرس وأوقظ الأستاذ. هل أظل واقفا أمام الشقة حتى أسمع صوتا داخلها فأدق الباب. هل أنتظر حتى يجيء أول زائر. هل أنزل وأقف في الشارع. لقد ذهبت مبكرا. ولكن لا تطاوعني نفسي أن أقف تحت أو فوق. ماذا لو انفتح الباب.. هل يغضب الأستاذ. أريد أن أراه غاضبا ماذا يفعل بواحد من معجبيه، واحد يضع العقاد فوق رأسه.. بل في رأسه في قلبه في حياته. العقاد إنه أعظم ما قرأت. العقاد شخصيا. كيف يكون هذا الرجل. قلبي يدق. أسندت ظهري للحائط حتى لا أقع. نزل رجل من الدور الأعلى قال: صباح الخير رددت عليه قال: دق الباب إنهم أيقاظ. دق الباب..

ودققت الباب. وانفتح وكان السفرجي وأشار أن أدخل. ودخلت وجلست في صالون العقاد. ودارت بي الأرض. لم أر أي شيء لا في الصالون ولا في البيت..