يا ليتني كنت أنا العريس

TT

إذا أردتم أن تعرفوا كيف تغير الهنود، فإليكم هذه المقارنة الواقعية:

عندما تزوج المهاتما (غاندي) كان عمره 13 سنة، وحيث إنه حسب التقاليد الهندية عند بعض الطوائف، فإن أهل العروسة هم الذين دفعوا له المهر، بضع مئات من الروبيات، وقدم العريس غاندي من عنده (معزة) حلوبا كهدية لعروسته (وكان الله يحب المحسنين).

أما اليوم فبعد أن وضعت القاطرة الهندية عجلاتها على القضبان الصحيحة، وانطلقت في سباق محموم بمن سبقوها في ركب الحضارة والعلم، فقد طرأت أمور لم تكن بالحسبان، واستجدت معطيات لم تكن حتى بالخيال.

وبدأت الهند برمتها تتغير، وليس مستبعدا أن دخلها القومي خلال عشرين عاما من الآن سوف يتجاوز دخل اليابان، وبعد أربعين سنة من الممكن أن يقترب من أمريكا ـ وهذا الكلام ليس من عندي، وإنما هي توقعات اقتصادية من مصادر محترمة.

وأكبر نكبة، ولا أقول جريمة، أن بعض المسلمين بقيادة (جناح) طالبوا بانفصال الباكستان عن الهند، وبعدها إذا بالباكستان تحكمها الانقلابات والعسكر، وتنفصل عن (بنغلاديش) فيما بعد، وها هي اليوم من سيئ إلى أسوأ، ومن (حفرة إلى دحديرة)، ولو أنها بعد الاستقلال عام 1947 بقيت مع الهند، فلن يكون وجود لمشكلة (كشمير)، ولشكل المسلمين وقتها 35% من سكان الهند، ولأصبحت أوضاعهم أفضل في ظل أكبر (ديمقراطية) في العالم.

واليوم (إنني أتحدى)، لو طلبت من أي مسلم بالهند أن يتخلى عن جنسيته الهندية ويصبح باكستانيا لرفض ذلك بكل عنف، لأن حياته الاجتماعية وحقوقه في مكانه أفضل بمراحل من العبث الذي يجري في باكستان.

مثلما هو كذلك ـ مع بالغ الأسف ـ لو أنك طلبت أيضا من أي فلسطيني داخل حدود 1948 أن يتخلى عن جنسيته الإسرائيلية ويأخذ (البسبور) الفلسطيني، فهو سوف يرفض ذلك دون أي كلام، بل وحتى دون أي سلام.

انظروا اليوم إلى (الباكستان) المسلمة عن بكرة أبيها، انظروا كيف تتناحر طوائفها، وهي مهيأة أكثر من أي دولة أخرى في العالم للتشرذم والتجزؤ. وقارنوها ـ بالله عليكم ـ بالهند (المتعددة) النِحل والملل، وكيف أنها تعيش بسلام، وتداوي فقرها بالعلم والعمل، بعيدا عن أي إرهاب و(صكوك) انتحارية تدعو (المهابيل) لدخول الجنة، فأي جنة تستقبل من أحرقوا الحرث والنسل؟!

وبما أننا بدأنا هذا المقال بإلقاء الضوء على زواج (غاندي)، فتعالوا نلقي الضوء على زواج هندي آخر، ولكنه حصل في عصرنا الحاضر.

فقد أوردت مجلة «فوربرز» الأمريكية إحصائية حول أكثر حفلات الزفاف بذخا في العالم في القرن الحادي والعشرين، فقالت: إنها احتفالات الملياردير الهندي البريطاني (لاكشمي ميتال)، قطب الحديد والصلب، التي تعتبر على رأس قائمة عام (2004)، وكان الاحتفال الأكبر فيها قد نظم في قصر (فرساي)، وهو أحد أشهر معالم فرنسا، وذلك بمناسبة زفاف ابنته العزيزة.

وتكلف الحفل (60 مليون دولار) فقط لا غير.

اللهم لا حسد، ويا ليتني كنت أنا العريس ـ حتى ولو ليوم واحد ـ.