لرابع مرة: العقاد!

TT

تخففت من الانبهار. ولكن بقي الإعجاب الشديد بالأستاذ. ولحسن حظي جاء الدكتور عبد العزيز الأهواني. وهو خبير في الأدب والفلسفة الإسبانية. ووقف العقاد كما هي العادة. وقال له: أهلا يا مولانا.. أين أنت الآن..

وجاء ثالث ورابع والأستاذ يقف تحية لضيوفه وامتلأ الصالون. وغيرت رأيي. لقد كان الصالون كبيرا واسعا شاسعا. ونحن نملأ المكان والأستاذ يجلس على مقعد كبير. وكان لا بد أن يتحدث الأستاذ في الفلسفة. وتحدث وناقش الأهواني وأبدى العقاد اعتراضه على الذين قالوا إن الأدب الأوروبي لم يستفد من الفكر الأندلسي. وذكر العقاد أمثلة لهذا الأثر في الفلسفة وفي الأدب. ولم يعترف الدكتور الأهواني وإنما كان يقول: عظيم والله يا أستاذ.. الله يا أستاذ.

أنظر إلى ملابس الأستاذ إنها نظيفة تماما.. وقد غير الأستاذ ملابسه.. والطاقية وضعها على رأسه. وأحيانا يخلعها. ويمضي الأستاذ كأنه يقرأ في كتاب. وليس حديثا بين الأستاذ وتلامذته. يقول كما يكتب كما يذيع في الراديو.

ومن غير مناسبة ومن غير أية علاقة بما يقول الأستاذ تشجعت ولا أعرف إذا كنت الذي سألت أو هو انتظاري الطويل أو هو حرصي على أن يحدثني عن الذي أعرفه أكثر من كل الموجودين في الصالون. قلت: يا أستاذنا أنت ليه ضد الفلسفة الوجودية؟

قال العقاد: يا مولانا هذه فلسفة منحلة.. هذه فلسفة القبور.. فلسفة عدمية. فالفلسفة التي تقول إنه لا يوجد غير الفرد وأن المجتمع لا قيمة له.. هذه الفلسفة لا قيمة لها لأن الأساس هو احترام الفرد. وهي تتحدى الحرية.. حرية الفرد. وكيف تكون حرية بلا مجتمع يا مولانا؟.. التحرر من من يا مولانا؟.. التحرر من ربقة المجتمع.. من أجل ماذا؟ من أجل لا شيء!

وتضاءلت في مقعدي.. ولو هزني أحد لسقطت فورا.. إن فلسفتي ولا حاجة. الأستاذ يقول!