غراميات إيران للأجزاء الجنوبية من الدول العربية

TT

تلك الأجزاء العزيزة من الوطن العربي، أصبحت مواقع نفوذ إيرانية، وليس هناك مفهوم لغرام إيران بكل ما هو جنوبي في الأقطار العربية، إلا إذا اعتبرنا أن هناك من يوالون السلطة الحاكمة في طهران لأسباب مختلفة، منها العقائدي والسياسي. حتى عندما أراد الإيرانيون الاستيلاء وبالقوة المسلحة على جزء من الخليج العربي، كان احتلالها لجزر عربية تقع في جنوب الخليج العربي. وعندما امتدت يد الشر الإيرانية إلى الجزيرة العربية، كان المتابعون قد لاحظوا أن إيران قد اختارت الشمال اليمني وليس جنوبه لكي تؤكد وجودها، تنفيذا لسياستها التوسعية في الوطن العربي.

هذا الاختيار للشمال اليمني كان خروجا عن الغرام المعهود بالأجزاء الجنوبية للأقطار العربية، على الرغم من أن الجنوب اليمني يعتبر ـ في نظر الإيرانيين ـ مكانا مناسبا لمد نفوذها في ذلك الجزء الذي يعيش وضعا سياسيا غير مستقر، وهي بيئة مناسبة تستغلها لبسط سيطرتها وتنفيذ سياستها المعروفة في تمزيق الدول العربية، وخلق بؤر للفتن والقلاقل داخل تلك الدول.

والمؤسف والخطير في آن واحد أن إيران حققت أهدافها العدوانية في تلك الأجزاء الغالية من الأقطار العربية عبر الموالين لها من العرب المنتمين إلى تلك المنطقة، وشكّل كل من هؤلاء العرب الموالين مخلب قط لطهران في تدمير بقية أجزاء الدولة العربية المستهدفة. وليس من الصعب معرفة تلك المخالب في جنوب لبنان، وجنوب فلسطين، وجنوب العراق، فقد أتى التوجيه من طهران إلى المخلب في جنوب لبنان بقصف واحتلال بيروت في شهر مايو 2008، وأتى التوجيه إلى جنوب فلسطين بخلق الفتن والحروب في غزة، وكان الضحية الشعب الأعزل في غزة، بينما كان القادة يتمتعون بالراحة والطمأنينة خارج ميدان المعركة.

وفي جنوب العراق، في الواقع، مجموعة مخالب دمرت العراق ومزقت شعبه بممارسة أبشع صور الطائفية ضد الأطياف السكانية الأخرى.

إن العابثين في جنوب العراق وجنوب لبنان ليسوا أحزابا لبنانية أو عراقية، بل معسكرات إيرانية تمارس كافة الأعمال العدوانية ضد شعوب تلك الدول، وضد الأقطار العربية ككل.

ونعود بعد هذا الاستطراد للغرام الإيراني للأجزاء الجنوبية للدول العربية، إلى شذوذ هذا الغرام بالشمال اليمني، حيث أبان الخرق الفاضح لطهران في تلك المنطقة أن الهدف ليس الشمال اليمني، بل الجنوب السعودي، وأن التطلع إلى الجنوب السعودي لدى السلطة الحاكمة في طهران هو هدف مطلوب لضمه لبقية الأجزاء الجنوبية العربية المحتلة من قبل إيران.

وفات على السلطة الحاكمة في طهران أن نجاحها في بسط نفوذها في جنوب لبنان وجنوب فلسطين وجنوب العراق وشمال اليمن، إنما تم عبر الموالين لها في تلك المناطق، والذين باعوا أوطانهم وشعوبهم بثمن بخس لا يعادله التفريط بالوطن. فأبناء الجنوب السعودي مخلصون لوطنهم وشعبهم وأوفياء لولاة أمرهم، وقد أظهرت لنا الصور والمشاهد التي نقلتها وسائل الإعلام أن أبناء الجنوب السعودي كانوا يتسابقون مع قطاعات القوات السعودية المسلحة في التصدي للعدوان ومحاربة أفراد الفئة الباغية. ولعل إيران وعملاءها في الأقطار العربية يتعظون من هذا الدرس، فتدرك أن ليس كل جنوب سهلا أو متساهلا بحق وطنه، يأتمر بأمرها وينفذ أهدافها الشريرة، فهذه الأرض التي أكرمها الله بالحرمين الشريفين كانت وما زالت وستظل ـ بإذن الله ـ الكيان القوي الذي يحمي المقدسات ويذود عن حدود الوطن ضد العدوان والطغيان من أي مصدر كان.

*كاتب سعودي