لو خيروني

TT

هل هناك لغات مشتركة بين فصائل الحيوانات تستطيع أن تتخاطب وتتفاهم فيما بينها البين؟!، أنا أظن ذلك ولكنني لست بجازم، وعدم جزمي يرتكز على الجهل لا أكثر ولا أقل، والإنسان عاجز حتى هذه اللحظة عن فك (شيفرة) اللغات الحيوانية.

ومنطقياً لا بد وأن هناك عدة وسائل للتفاهم بينها، ولكن كيف؟!، إني لست أدري.

ويروي أحدهم عن مشاهدته ومتابعته لحادث وقع أمامه وصوره ووثقه بكمرة (الفيديو) ويقول:

«كان في مزرعتنا حرجة من حطب القطن تجثم فيها كل ليلة آلاف من الغربان بعد غاراتها في النهار على حقول القمح. وسمع والدي أن الغربان تترك مجثمها إذا علق فيه غراب ميت، فعلق غراب ميت على شجرة، وجاءت الغربان في أول الليل فحومت فوق الأشجار ساعة وهي تنعق مهتاجة، ثم جعلت تستقر على الأرض حتى جثم السرب كله على هيئة نصف دائرة، وحجل غراب عجوز حتى وقف في جوف الدائرة مستقبلا أصحابه، فما لبثت أن سكنت وهدأت، ولم نكد نصدق ما نرى حين رأينا الغراب العجوز ينعب كالمحرض لهم نعيباً عالياً، ثم عاد إلى مكانه. وطار من بينها غراب آخر وجعل يخاطب الغربان، وجعل بعضها ينعب رداً عليه. وكان يخيل إليك أنه اجتماع عام.

فلما فرغت ستة من الغربان من كلامها، طار السرب كله وسار في إثر الخطيب الأول، فما هو إلا أن خطف الغراب الميت المعلق على الشجرة، وحمله كما يحمل الصقر فريسته في مخالبه، وطار به قريباً من الأرض حتى أتعبه ثقل الغراب الميت، فلم يلبث أن تلقفه منه غراب آخر وحمله مسافة أخرى، ثم جاء غراب ثالث فحمله وطار به فوق البركة وألقاه في الماء.

وانقلب السرب من فوره عائداً إلى الحرجة، وخيمت على الأشجار الظلمة والسكون».

لا أريد أن أخوض في هذه المتاهة، ولكن للغراب الفضل في هداية وتعلم الإنسان كيف يدفن أخاه الإنسان إذا مات.

وجاء في القرآن الكريم أن النمل خاطب بعضه البعض للتحذير من سليمان وجنوده.

ولو كان لي من الأمر شيء وخيروني أن أفقد النطق والكلام الإنساني نهائياً، وعوضاً عن ذلك أتعلم لغة الحيوان لوافقت على ذلك بدون أي تردد.

على شرط أن أتعلم أولا لغة الذئاب، وبعدها لغة العصافير.

ولن أعاشر بعد ذلك اليوم إلا ذئبة أو عصفورة.