مصر والسودان «حتّة وحدة»

TT

لا بد أن المصريين فرحون بأن تكون حربهم العالمية الرابعة ـ كرويا ـ مع الجزائر يوم الأربعاء القادم في السودان، بعد الإنجاز الكبير الذي حققوه في الحرب العالمية الثالثة في القاهرة مساء السبت الماضي، وانتصر فيها أبناء المعلم شحاتة على محاربي الصحراء الجزائريين، فالمصريون يمكنهم أن يستحضروا اليوم المقولة القديمة «مصر والسودان حتّة وحدة».

ومن حسن الحظ أن يكون السودان مسرحا للمباراة الحاسمة والفاصلة بين المنتخبين، فالمجتمع السوداني في غالبيته مجتمع كروي «من ساسه لمنقع راسه»، وهو صاحب نظرية أقصر طريق إلى الشهرة: «يا تدق كفرْ، يا تعزف وترْ»، وتعني إذا أردت أن تكون شهيرا فلا بد لك أن تكون لاعب كرة قدم، أو فنانا يجيد العزف على الأوتار، وبالتالي فإن السودان قادر بطبيعته الكروية على خلق ساحة منافسة رياضية تتسم بالإثارة، وقادر على أن يقتسم بروح رياضية التشجيع بين الفريقين، فمن الصعب أن يبقى السودانيون على الحياد أمام مباراة كرة قدم حتى لو كانت منقولة على التلفزيون، ولذا من المتوقع أن يكون من بين السودانيين من سيشجع منتخب الجزائر، ومنهم من سينحاز إلى جيرانه في الشمال، وباختصار سيصب الجمهور الكروي السوداني المزيد من الزيت على الحرب المستعرة بين المنتخبين، ولكن على الطريقة السودانية الخالية من العنف، والمفعمة بالإثارة، والإبداع الفني في الأهازيج، والهتاف، والتشجيع.

والسودانيون كانوا في يوم من الأيام من أسياد الكرة الأفريقية والعربية، ومن أهم مصدري اللاعبين إلى ملاعب الكرة السعودية والمصرية وغيرها من الملاعب، ولهم منظومة من النجوم التي حلقت طويلا في سماء الكرة أمثال: سبت دودو، وجاكسا، والهادي سيام، وجنجا، وفارس، وقرن شطة، وغيرهم، ولكن عصفت بالكرة السودانية تقلبات السياسة ذات يوم فأفقدتهم مواقعهم في المقدمة، وهم يحاولون اليوم إحياء ما مضى، وإرجاع ما فات، فوجودهم في الكرة الأفريقية ضرورة كضرورة التوابل في الطعام، فلهم مصطلحاتهم الكروية العذبة، وتعليقاتهم الحرّاقة مثل: «إن فاتك الكفر لا يفوتك الزول»، أي إذا تجاوزتك الكرة فلا تدع اللاعب المنافس يتجاوزك، وحاول تعطيله بمختلف السبل.

ما أردت أن أقوله إن استضافة السودان للمباراة الفاصلة تعتبر من محاسن الصدف، إذ سيضفي السودانيون بمرحهم، وخفة ظلهم على المباراة أجواء من الإثارة المقبولة بين مشجعي الفريقين، وستغدو مصر والسودان والجزائر «حتّة وحدة»، كما يفترض أن يكونوا دائما.

ومبروك مسبقا لمن سيستحق الفوز.