لأول مرة: توفيق الحكيم!

TT

بالصدفة رأيت توفيق الحكيم خارجا من مكتبة النهضة. ومشيت وراءه. يريد أن يعبر الشارع، نظر يمينا وشمالا ويمينا وشمالا، وجرى بسرعة مع أنه لا خوف. فالشارع خال تماما. فنحن في يوم السبت بعد الظهر. ومشى توفيق الحكيم. يتخبط في الناس ولا يتوقف عند المحلات ولا يلتفت إلى الناس. ولا أحد التفت إليه. ومشيت وراءه. وعند وزارة الأوقاف توقف، فهنا يعمل نجيب محفوظ. هذه فرصة أن أرى الاثنين معا. ولكنه توقف واعترض رجلا يبيع المشمش. واستوقفه. واقترب منه توفيق الحكيم قال له: المشمش بكام النهارده فقال البائع: ما يغلاش عليك يا سعادة البيه.. وتفضل وشوف.. اكسر ودوق.

توفيق الحكيم: يعني بكام النهاردة..

البائع: بخمسة قروش..

توفيق الحكيم: بخمسة؟ مش غالي شوية.. المشمش صغير.. ده معناه إنه وقع من الشجر على الأرض وأنت رحت جمعته. ما لحقش يكبر على الشجر يعني. مش ممكن يكون بأربعة.. لازم خمسة..

البائع: بلاش يا سعادة البيه.. أول استفتاح النهارده.. نهارك أبيض.

توفيق الحيكم: خلاص أخده بأربعة.. بدل الكيلو اثنين.. إيه رأيك.

البائع: والله أنا خسران في البيعه دي.. علشان أستفتح. خلاص زي ما أمرت بتسعة عشان خاطرك..

توفيق الحكيم: تسعة آخر كلام.. زى بعضه هات اتنين.. وأنت معاك ميزان..

البائع: طبعا يا سعادة البيه..

ورأيت توفيق الحكيم قد استدار وأخرج علبة النظارة وكان وضع فيها الفلوس.. وبعد دقيقة أعطاه التسعة قروش..

فقلت له: أنا أشيل عنك المشمش يا أستاذ..

قال: ليه أنت تعرفني..

قلت: أيوه يا أستاذ.

قال: كده؟ طيب شيل المشمش..

وواضح أن توفيق الحكيم خشي أن آخذ المشمش وأهرب. ويريدني ألا أبعد عن عينيه..

فقلت: يا أستاذ هات العصا أحملها عنك هي والمشمش.. ده شرف يا أستاذ.

توفيق الحكيم: كده.. ده كويس قوي..

وأمسكت العصا والمشمش. وأمسك توفيق الحكيم ذراعي. إنه يخشى أن أهرب بالمشمش. والتفت ناحيتي وقال لي: وأنت بتشتغل إيه.

قلت: طالب..