ما لم يقله نصر الله مباشرة

TT

دائماً ما أنصح بقراءة خطابات حسن نصر الله بدلا من الاستماع إليها، لأن قراءة الخطاب بعيداً عن المؤثرات تظهر الكثير مما بين السطور. وخطاب زعيم حزب الله الأخير بدا فيه وكأنه ينافس السيد عمرو موسى على منصب الأمين العام للجامعة العربية، حيث تحدث عن لبنان والعرب، والعالم، وطرح رؤى وبارك اتخاذ مبادرات، كان أبرز ما جاء فيه هو حديثه عن المفاوضات، وعملية السلام، وتركيا، حيث برزت أمور مهمة من خلال ما طرحه نصر الله.

يقول نصر الله إنه بعد انتخاب أوباما «انتظر كثيرون وراهن كثيرون واشرأبّت أعناق كثيرة، وقيل انتظروا فإنّ هناك تحولات كبرى».. إلى أن قال «سرعان ما بان حقيقة هذا السراب». ثم استشهد نصر الله بمقولة لأحد المفاوضين الفلسطينيين الذي قال فاوضنا 18 سنة ولم نحقق شيئاً، حيث قال «من اللطيف رقم 18.. 18 سنة من المفاوضات نتيجتها الفشل، الإحباط، الضياع، الهوان، بقاء الاحتلال، وفي المقابل 18 سنة من المقاومة في لبنان نتيجتها تحرير بيروت والضاحية والجبل والبقاع والجنوب من الاحتلال الصهيوني... ودون منّة من أحد في هذا العالم»، إلى أن يأتي إلى لب الحديث كله، حيث يقول «نحن مع تركيا السنية إذا كانت تريد أن تدافع عن فلسطين وعن غزة وعن المسجد الأقصى».

وهذا يعني أن نصر الله يشترط على تركيا الالتزام بمواقف حزب الله أو كانت القطيعة، وهذا ما يقودنا إلى النقطة التالية؛ فرغم امتداح نصر الله لحديث الرئيس السوري في تركيا عن المقاومة، ففي اسطنبول أيضاً، وعلى صدر صحيفة تركية، نصح الرئيس السوري بشار الأسد الأتراك بضرورة الحفاظ على علاقات جيدة مع إسرائيل وأوروبا لمساعدة سورية في عملية السلام واستعادة الجولان، فكيف يستقيم ذلك، ناهيك عن تهكم نصر الله من عملية السلام، وهاهي فرنسا تدخل على خط السلام السوري الإسرائيلي، بل إن الرئيس السوري صرح قبل أسابيع ليست بالبعيدة داعياً إسرائيل إلى مفاوضات سلام، وقبل يومين تحدث مسؤول إسرائيلي عن رغبة بلاده في مفاوضات سلام مع دمشق دون شروط مسبقة!

فهل ينطبق حديث نصر الله عن تركيا على سوريا؟ وهل يعقل أن يتهكم نصر الله على عملية السلام، ومن يريدون تحرير أراضيهم بدون استخدام السلاح، ثم يأتي بعد ذلك ويثني على دمشق ورئيسها؟

ولذا فقد كان من الواضح أن نصر الله عندما امتدح سوريا ورئيسها في خطابه كان يحاول التمويه، أو قل التشاطر، لكن هذا خطاب يدل على أنه كاد المريب أن يقول خذوني. ولذا فحديث نصر الله عن فرحته بالتقارب السعودي السوري موضع شك، وتحديداً عندما دعا إلى تقارب سعودي إيراني، فإذا كان يقصد ما يقول عن العالم العربي، والعلاقات الطيبة، فلماذا لم يتحدث عن ضرورة التقارب السوري المصري مثلا؟

خطاب نصر الله، ورغم التشاطر إلا أنه كشف الكثير من الأمور المهمة، وأولها التباين في موقف حزب الله ودمشق اليوم!

[email protected]