لثالث مرة: توفيق الحكيم!

TT

كان توفيق الحكيم الأمين العام للمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب، وكنا نسميه المجلس الأعلى لرعاع الفنون والآداب..

وكان مكتبه في الطابق الأرضي أول باب على يدك اليمني. وتوفيق الحكيم يجلس وراء المكتب. فإذا ذهبت للسلام عليه يقول لك: روح اشرب القهوة عند يوسف السباعي فوق. أنا معنديش قهوة هنا. وعرفنا عنه ذلك.. ونداعبه كثيرا لأنه رجل بخيل جدا. طه حسين قال لي: إنه ليس بخيلا، ولكن يحب أن يقال عنه وأن يضحك الناس ويهرب توفيق الحكيم. الحقيقة أنه فقير وليس بخيلا..

وجدته جالسا في حديقة المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب فقال لي: روح اشرب قهوة عند يوسف السباعي..

قلت: شربت يا أستاذ..

قال: كويس تعال نناقش القضية دي.. القضية أن شجرة من حديقة الجيران قد مدت أحد فروعها إلى داخل حديقة المجلس والفرع مثقل بثمار المانجو. فهل لو أخذنا هذه المانجو التي جاءت إلينا هل يُعتبر ذلك سرقة.. السرقة أن تقفز السور وتقطف المانجو. هذه سرقة. لكن إذا جاءت المانجو إليك وأنت في الحديقة هي التي جاءت. هل جمع هذه الثمار يُعتبر سرقة.. إيه رأيك؟

حكيت ليوسف السباعي هذه الحكاية فضحك وقال: الحكاية دي لها أصل. في الأسبوع الماضي فوجئ توفيق الحكيم وهو جالس بظهور جحش صغير. فراح يصيح وينادي أمسِكوه. وأمسَكوه وأوقفوا الجحش أمام توفيق الحكيم الذي أُعجبَ به جدا.

وظل توفيق الحكيم يتأمل الجحش وطلب أن يربطوه في أية شجرة. وربطوه ومضت ساعة.. وساعتان ولم يأتِ صاحب الجحش. وتساءل توفيق الحكيم لو أن يوسف السباعي أخذ الجحش وتركه هنا في المجلس هل تُعتبر سرقة. وإذا لم يظهر للجحش صاحب فماذا أفعل. إن الجحش مثل ثمار المانجو التي دخلت إلينا وأزهرت وأثمرت.. هل هذه سرقة. نسأل رجال القانون لأنني لم أنَم الليلة الماضية بسبب هذه القضية.. وأنت إيه رأيك؟!