لرابع مرة: توفيق الحكيم!

TT

سألني: عربيتك فيها بنزين؟..

قلت: أيوه. ليه يا أستاذ؟..

قال: أصل أنا عاوز أروح إمبابة.. نتفرج سويا.

قلت: على إيه يا أستاذ؟..

قال: بيقولوا إن فيها أحسن حمير في البلد.. إيه رأيك تيجي معايا..

قلت: تحت أمرك يا أستاذ..

وكان توفيق الحكيم مستغرقا في التفكير ولا يتكلم. واقتربنا من إمبابة وسألني إن كان البنزين في السيارة يكفي. وقلت له إنها مسافة قصيرة ونحن الآن على مدى دقائق من سوق الحمير. وضحك الحكيم وقال: دي تبقى مصيبة لو أمسكونا لأن فينا شبها للحمير.. هاهاها.

وكاد الحكيم يقفز من السيارة عندما رأى الحمير.. ونزل وتفرج وتفحص. وأعجبه جحش صغير. وقف مفتونا به. وراح يدور حوله ويضع يده على رأسه وعلى ظهره وقال: اشتريه بكام؟

فقال البائع: ببلاش يا سعادة البيه.

قال الحكيم: والبلاش عندك تساوي كام..

قال البائع: كلك نظر يا سعادة البيه..

الحكيم: كام يعني؟

قال الرجل: عشرون جنيها..

صرخ الحكيم: بالسرعة دي ارتفع سعر الحمير.. سعر الجحش الصغير..

الأسبوع الماضي كان عشرة والأسبوع ده عشرين..

قال الرجل: خمسة عشر جنيها. والله تكسب يا أستاذ..

وأشار لي توفيق الحكيم أن أدفع. ودفعت..

ولم نفكر كيف يخرج الجحش وإلى أين؟ فاقترح البائع أن يربط الجحش في السيارة ونذهب به إلى المجلس الأعلى.

وربطنا الجحش في السيارة. وكان لا بد أن نمشي ببطء. وكان ذلك يعطل المرور. ثم إن الناس راحوا يتفرجون علينا. منظر غريب سيارة تجر جحشا وليس الجحش هو الذي يجر السيارة.

ودخلنا حديقة المجلس وربطناه في إحدى الأشجار. وجلس توفيق الحكيم بعيدا عن الجحش وراح يتساءل: من الذي يطعم الجحش.. هل يستطيع المجلس أن ينفق عليه.. تحت بند إيه.. هل معقول أن يدخل في ميزانية الثقافة والفنون إطعام جحش.. لا يمكن لا المجلس ولا أنا.. أنت صاحب الجحش فكر معايا. من الذي سينفق على طعام الجحش؟ قال يوسف السباعي وهو الأمين العام للمجلس.

قال يوسف السباعي إن تكاليف أكل وشرب الجحش ورعايته على حساب توفيق الحكيم! فانتفض الحكيم واقفا: أبدا.. أنا مش صاحب الجحش!