من يتهمه ليمبو بالنرجسية؟

TT

تناولت على مدى أربع ساعات العشاء مع راش ليمبو في نادي «21» في مانهاتن. في ذلك الوقت كنت لا أزال أكتب كمراسلة عن الشخصيات البارزة، لأستخدم التعبيرات التي استحدثها ليمبو.

كان الرجل ساحرا بطريقته الخجولة المبهرة والمتفردة. لم يكن شخصا عاديا، فقد وصل في سيارة فارهة يقودها سائق، وطلب كافيار بليوغا ولحما ومشروبا فاخرا. وتحدث خلال اللقاء عن سيمفونية شوبان السادسة، وعن سي إس لويس، وعن حبه الكبير لنهاية فيلم «قصة حب».

في تلك الأيام كان ليمبو يطلق على نفسه «الثقب الأسود الصغير غير المؤذي»، لكنه تحول الآن إلى مصدر إزعاج كبير. اتجهت بعد ذلك إلى كتابة الأعمدة كصديقي بيل سافيري واتجه ليمبو إلى الكذب والافتراء.

وفي الوقت الذي شن فيه هو وسارة بالين هجوما على المعتدلين من الجمهوريين ـ قال لمستمعي الراديو: «المعتدلون بحسب التعريف ليس لهم مبادئ» ـ كان ليمبو أكثر من أي وقت مضى واجهة لحزبه كما وصفه رام إيمانويل. كما كان الناطق بلسانه.

ربما كان ليمبو مصيبا في أن الديمقراطيين يميلون إلى التردد كثيرا. فهم على الدوام يتساءلون عما إذا كانوا يقومون بالأمر الصائب أم لا، ويقومون بتحليلات لمواقف متناقضة تعوق تقدمهم، أو كما يقول عنها جيمس كارفيل «الجوانب الستة للبنتاغون». وهو ما يوجب على الرئيس أوباما المسارعة في التفكير بشأن الوظائف وإصلاح العجز المالي إذا ما كان يرغب في منع المحافظين من استثمار غضب الأميركيين الذين يرون الانتعاش مقصورا على «وول ستريت»، خاصة مع اكتساح الجمهوريين للسباقات الكبرى.

غير أن التكتيكات التي ينتهجها ليمبو وبالين وتشيني وفيلي أكثر سخرية. فهم يتحركون متجاهلين أخطاء حزبهم ومستغلين الوطنية واصفين كل المنتقدين بالخونة.

وخلال مقابلة له مع كريس والاس على قناة «فوكس نيوز» مؤخرا، اتهم ليمبو الرئيس بمحاولة تدمير الاقتصاد؛ ذلك الاقتصاد الذي عبث به جورج بوش.

قال ليمبو: «أجدني مدفوعا بالاعتقاد بأنه فعل ذلك عمدا، لأن ما يحدث من إنكار للحريات والهجوم على الحرية لا يحتمل».

وعندما سئل عن أفغانستان، أحد الزلازل الأخرى التي أسهمت في عذابات أوباما، قال ليمبو: «لا أعتقد أنه يهتم كثيرا بشأنها»، ومشيرا مرة أخرى إلى أن الرئيس غير وطني، وأكد على أن الرئيس: «يرغب في الاقتصاد بشأنها بدلا من تحقيق انتصار». وأخبر والاس أنه خلال حرب العراق سعى باراك أوباما والديمقراطيون إلى هزيمة القوات الأميركية، عندما قالوا إن مراجعة سلوك الحكومة بشن حرب على أسس كاذبة هو أصدق أنواع الوطنية.

وعندما سئل عن تصريح صديقه المحافظ جورج ويل بأن على الولايات المتحدة الخروج من أفغانستان، قال ليمبو: «أنا لا أملك المعرفة التي يملكها جورج ويل، ومن ثم فأنا أثق في الخبراء، وبالنسبة فهم الأفراد في الجيش الأميركي».

حتى الصقور من أمثال راش ليمبو يجب عليهم تذكر كيف كانت تلك المراجعة مجدية في حرب فيتنام أو في السنوات الأولى في العراق. لقد اختار الآباء المؤسسون رجلا مدنيا كقائد أعلى لهذا السبب. وقد قال القادة العسكريون للبيت الأبيض إن هذه هي المرة الأولى خلال ثماني سنوات ينالون فيها الاهتمام والموارد التي يحتاجونها في أفغانستان.

ولو أن بوش ذهب إلى دوفر في منتصف الليل لتحية قتلى الحرب لأنشد ليمبو وليز تشيني قصائد بشأن وطنيته.

ولكن لأن أوباما هو من ظهر هناك ليبرز التكلفة الوحشية للحرب، كان عليهم ببساطة أن يفسدوا تلك اللحظة المؤثرة والادعاء بأنها دعاية إعلامية.

وعندما أطلقت، منذ أعوام مضت، على «دوبيا» لقب «الإمبراطور الصبي» انتقدني بقسوة بالغة لدرجة أحرجت أمي أحد عشاق ليمبو.

لكن ليمبو يدعو أوباما الآن «الرئيس الطفل»، لكن الرئيس البالغ من العمر 48 عاما هزيل ويزداد هزالا، لكن لا شيء فيه طفولي، فقد أسهم في تنشئة نفسه وتصالح مع ذاته وأبرز نضوجا كبيرا.

على الجانب الآخر، كان بوش مثل طفل يعرف أن أصدقاء والده سيعتنون به، وكان دائما ما يهرع إلى صالة الألعاب الرياضية أو ركوب الدراجات تاركا الحكومة لمساعديه تشيني ورومي، أو إلى غير أكفاء مثل بروني.

وخلال عشائنا المطول أكد ليمبو على نجاحه في أن يكون «أحادي البعد» بالقول: «إنني منشغل بنفسي كلية»، كان ذلك قبل أن يحصل على عقد بـ400 مليون دولار، لذا هل بإمكاننا تخيل كم هو أحادي البعد الآن.

لكنه اتهم الرئيس بأنه «نرجسي جدا، وغير ناضج، وعديم الخبرة»، وهو ما يعطي معنى جديدا للمثل القائل «من كان بيته من زجاج فلا يحق له أن يقذف الآخرين بالحجارة».

*خدمة «نيويورك تايمز»