بدأ الرئيس جمال عبد الناصر حربه ضد الدولة السعودية في «صوت العرب» وصحف بيروت وتظاهراتها. ثم جاءته الفرصة الذهبية في اليمن، فانتقل بقواته المتفوقة وشعبيته الطاغية وتعابير أحمد سعيد، لإقامة جبهة على الحدود مباشرة. كانت السعودية يومها قليلة المال، قليلة الخبرة، ضعيفة في النفوذ الإعلامي أمام رجل تمتد طاقاته الإعلامية من القاهرة إلى اندونيسيا مروراً بالهند. وفي عام 1965 جاء عبد الناصر بنفسه، يرافقه الأستاذ هيكل، «قلمه الصريح» لكي يوقع نهاية حرب اليمن في جدة لا في صنعاء. وبعد عامين كانت 67.
حاول صدام حسين أن يطوق الدولة السعودية ويجتاحها من خلال حدود أخرى، الكويت. تذكر أنه عندما طالب عبد الكريم قاسم بالكويت، أرسلت السعودية جيشها إلى هناك فوراً، دون أن تستشير الجامعة العربية أو أن تبلغ الأمم المتحدة. لذلك توقع أن يدخل الكويت وينقل الجبهة فوراً عبر الخفجي.
كان الملك فهد بن عبد العزيز قد بذل كل محاولة شخصية ممكنة أو مقبولة مع صدام حسين. وحاول أن يبدد جميع ذرائعه، من تسديد الديون المترتبة على حرب إيران إلى تغيير سياسة الكويت والإمارات، إلى مساعدة بغداد في الخروج من عزلتها العربية والدولية. وكان الرد على ذلك كله عبور الكويت إلى الخفجي والاشتباك مع القوات السعودية. وقفت هذه المرة 27 دولة إلى جانب الرياض. الباقي سرد مؤلم لصور الهزيمة العراقية.
كررت إيران بدايات الحرب على الدولة السعودية، بالألوان، بدل الأسود والأبيض. الفضائيات بدل الإذاعات. وصحف بيروت جاهزة والسياسيون ينتقلون من قناة إلى قنال. ثم ثمة من تذكر باب اليمن فبدأ يعد العدة للالتفاف من اليمن، أو «الخاصرة الضعيفة» كما كانت الثورة الفلسطينية تسمي الأردن ولبنان ووصولا إلى الكويت التي تبعد عن حدود فلسطين ثلاث ساعات طيران. مباشر.
لا يستطيع الحوثيون التفكير بإسقاط النظام والاستيلاء على صنعاء، لذلك ذهبوا مباشرة إلى جازان. وكانوا يتوقعون حرباً على ظهور النوق، فاكتشفوا للمرة الأولى سلاحاً بحرياً سعودياً يرد «الأفغان العرب» في عرض البحر. وكانوا يرسمون أن يتحولوا إلى قضية على جدول الجامعة فأخطأوا في تقدير عمرو موسى. هذه ثالث حرب معلنة على السعودية من خلال بلد ثان. الأولى واجهها الملك فيصل بن عبد العزيز بعد صبر طويل. والثانية لم يتردد الملك فهد في الحشد لها. والثالثة استقرأها الملك عبد الله بن عبد العزيز منذ أن أطلق الحوثيون الرصاصة الأولى على وحدة اليمن. باب السعودية السريع العطب.