في شوارع القاهرة

TT

هل المصري العادي غلبان، (غلابة) عيان، بتاع حواديت، بتاع أونطة، بتاع قلب كبير، عقلو في ودانو، عقلو في لسانو، أمال إذا مش هوه الراجل العاقل مين اللي يبقى عاقل يا معلم؟ هل المصري حِدِق، حِدِق قوي، سكَّر زيادة؟ هل هو صاحب الحكمة الأفلاطونية السقراطية، الهيروغليفية المسمارية الخالدة التي تقول: ماشي، والحكمة الأوسع صدرا القائلة: وبرضو ماشي، وتلك الأوسع صبرا القائلة: يا أخي مش قلنا برضو ماشي؟

من هو المصري؟ باشا، باش باشاوات، والنبي ما تسوى تعريفة، ما تسمع يا الباش مهندس، حكومة؟ حكومة إيه، بلاش بقى يا سيدي، يا دنيا يا غرامي، طب ما هوه طلع زملكاوي وشايل كورة بين كتفيه، لا بهزَّر ولا حاجة، يعني زملكاوي حايشيل إيه؟ دماغو. ما فيش يا عمنا ما فيش.

هل المصري عمدة؟ أسوانلي سعادتك، أمال بقالك في مصر قد إيه؟ حاضر يا فندم، ده الهوا داخل نخاشيشي، والله مش متزوج ولا خاطب، ما صرش زي ما تقول نصيب، حاولوا يخطبولي من أسيوط بِتّ قريبتي زي ما تقول، إنما ما حصلش مغناطيس. أيوه مغناطيس. إنما المغناطيس حصل لما شفت بنت خالتي. ولعة واحدة يا بيه. خطبت ورجعت مصر. ورحت أفكر. زواج يعني مصاريف ويا واد حاتجيب دخان منين وتمن الكيف منين. لا مؤاخذة يا باشا، إحنا بنلف مرة واحدة بس في الأسبوع.

من هو المصري؟ الله يرحمك يا أبويا. بص يا أخويا بص، مالك في ضلمة بعينيك، نورت مصر سعادتك، ده لسان حالي يا باشا وما تحلفنيش، ذمتي ذمتك ورزقي على الله وسيادتك منوَّر البلد، أول ما شفت حضرتك جاي في الطابور قلت بقا رجعوا الذوات والبكوية بسم الله ما شاء الله. أيوه سيادتك متجوز. تلاتة. ربنا بيبعت يا باشا. اهوه لما شفتك في الطابور قلت ربنا مترضي النهارده والباشا جاي عندي. يا فتاح يا كريم.

من هو المصري؟ سيادتك، خلصت تاني سنة كلية آداب، إنما الدنيا قسمة ونصيب. مستورة يا بيه. ما فيش أقساط عربية وما فيش أقساط مدارس واخواتي بيساعدوا أبويا وأمي. والله ساتر عليا. ما فيش دخان ما فيش كده وما فيش كده ومستورة والحمد لله. حكومة إيه؟ مالنا ومال السياسة يا باشا. دول غلابة زي حالاتنا إنما على وزير أو حاجة كده. خليها علينا يا بيه. تبقى تدفع المرة الثانية. بجد، المرة الثانية.

من هو المصري؟ إذا أردت أن تعرف حقا، من هو هذا الظريف الأبدي، الصابر الأبدي، الذي يواجه الدنيا بابتسامة وضحكة وهمبكة، ويسخر منك ومن نفسه ولا تستطيع أن تعرف ممن يسخر حقا. إذا أردت، فاقرأ كتاب «تاكسي» لخالد الخميسي، إنه صلاح جاهين النثر.