عندما هطلت السماء أسماكا ومسامير ونقودا

TT

في سنة من السنوات هطلت أمطار غزيرة على الصحراء وكونت ما يشبه البحيرات الصغيرة في الأراضي المنخفضة، وقدر لي أن أذهب مع بعض الرفاق لقضاء يوم كامل هناك.

وتفاجأ البعض حينما شاهدوا ضفادع صغيرة تسبح أو تتقافز حول إحدى المستنقعات، وأخذوا يتساءلون: من أين أتت هذه الضفادع؟! هل انشقت من تحت الأرض وخرجت إلى السطح؟!

والحق معهم عندما يتساءلون، إذ إن تلك المناطق قبل أشهر خلت كانت مجرد قاع صفصف، ليس فيها ما يدل على حياة.

فاضطررت أن أتدخل بالحديث قائلا لهم: إن تلك الضفادع لم تخرج من تحت الأرض، ولم تنزل من السماء كذلك، ولكنها كانت مجرد (بيوض) علقت في أرجل طيور مهاجرة جلبتها من مناطق بعيدة، وعندما حطت في مثل هذه المستنقعات لأعوام خلت، سقطت من أرجلها تلك البيوض، ولم تمت بجفاف المياه في تلك المستنقعات، ولكنها بقيت صامدة إلى أن هطلت الأمطار مرة ثانية فبعثت فيها الحياة من جديد وفقست عن تلك الضفادع الصغيرة التي ترونها أمامكم، وستموت تلك الضفادع بعد أن تجف المياه مرة أخرى، ولكن بعد أن تتزاوج وتضع بيوضها، أو تأتي الطيور ببيوض أخرى.. وهكذا دواليك.

ومثلها مثل الأسماك كذلك. ولا أنسى منظر صور لأسماك صيدت في بحيرة سد وادي (بيشة) الواقع في قلب الصحراء، حيث يبلغ طول بعض الأسماك ما يقارب النصف متر، وكلها أيضا ناتجة من بيوض علقت في أرجل الطيور المهاجرة.

وسجلت ظواهر غريبة حصلت في أكثر من 17 بلدا حول العالم؛ فمثلا تساقطت من السماء حبوب (الحمّص) في منطقة (تونابوايلز) عام 1980. وفي عام 1984 انهمر وابل من الأسماك في مدينة (بوفينا) بولاية (ماساتشوستس).

وسجل في مناطق أخرى سقوط سلاحف ومسامير وبراغي وقطع حلوى وحتى نقود معدنية صغيرة.

وهذه الظواهر جميعها ليست ظواهر كونية أو إعجازية خارقة، ولكنها طبيعية تحدث من جراء دوّامات هوائية سريعة تعصف و(تشفط) ما تمر عليه ســـــــواء في المسطحات المائية أو على الأرض، وتصعـــــد بها لأعــــــلى وتعبر بها منـــــاطق مختــــلفــــة، وعنــــدما تهــــدأ يسقـــــط ما حملتـــــه تلقـــــائيا على الأرض، وأحيـــــانا تتساقط مع الأمطار وكأن الســــــماء قد أمطرت سمكا وحمّصا ونقودا.

وأذكر في سنة من السنوات أن هبّت عاصفة ترابية كثيفة علينا في القصيم، وصعد الغبار إلى عنان السماء والتحم بالغيوم التي أرعدت وأبرقت وصبت على رؤوسنا حبات من (البرد) الذي أصبح لونه بنيّا من جراء امتزاجه بالغبار، فما كان من غلام معنا لا يتجاوز عمره 12 سنة حتى صاح ببراءة: إنها حجارة من سجيل، فنهره والده بغضب قائلا: اسكت يا ولد فنحن لسنا أصحاب الفيل.

فنظرت إلى ذلك الأب وكدت أقول له: بل إنك أنت الفيل نفسه، ولكن الحمد لله أنني جبنت، فوقفت تلك الكلمة بحلقي. وللمعلومية فوزنه كان لا يقل عن 150 كيلوغراما.

[email protected]