شكراً يا خادم الحرمين

TT

نقول شكراً لأن القرار الملكي الصادر بتشكيل لجنة لتقصي ما حدث في مدينة جدة هو انتصار للناس الذين روعوا، والارواح التي أزهقت، بسبب ذرات مطر كان من المفروض ان تكون عيدية أهل جدة، وزائريها، ولكن قدر الله وما شاء فعل. الا ان المفرح ان العاهل السعودي لم يقبل ان يطوى الامر بمبررات واهية، تحت ذريعة عدم الاساءة الى سمعة البلد، او غيره، بل انه اخذ قرارا مشرفا، حيث اعلن ان الدولة ستقوم بتحمل تكلفة الخسائر في الممتلكات، وتقديم مبلغ مليون ريال لاسرة كل متوفى.

والقضية ليست قضية اموال، بل هي موقف اخلاقي من الدولة، وما يؤكد ذلك ان امر الملك عبد الله بن عبد العزيز اشتمل على تشكيل لجنة برئاسة امير منطقة مكة المكرمة الامير خالد الفيصل، خولها حق استدعاء كائن من كان، من اجل الاستماع اليه او مساءلته، والتحقيق حتى مع الجهات الحكومية المسؤولة لتقصي حقائق اسباب الفاجعة.

صحيح ان الإهمال، والفساد، والتقصير يحدث في كل مكان، لكن تلك ليست القضية او الكارثة، بل ان الكارثة هي عندما تتم التغطية، او التسويف، على تلك التجاوزات التي تقود عادة الى كوارث يروح ضحيتها الابرياء، ومن هنا تأتي اهمية الامر الملكي الذي اصدره الملك عبد الله على اثر فاجعة جدة، فقرار الملك دليل على حس المسؤولية، ومواجهة الحقائق، كيف لا والبيان يقول «مدركين أنه لا يمكن إغفال أن هناك أخطاءً أو تقصيراً من بعض الجهات، ولدينا الشجاعة الكافية للإفصاح عن ذلك والتصدي له بكل حزم، فهؤلاء المواطنون والمقيمون أمانة في أعناقنا وفي ذمتنا، نقول ذلك صدقاً مع الله قبل كل شيء، ثم تقريراً للواجب الشرعي والنظامي، وتحمل تبعاته..».

قرار الملك انصاف، وعدل، ويستحق كل الشكر والثناء، كيف لا وقد ورد في البيان الملكي ما نصه: «وبعد أن تابعنا ببالغ الحزن والألم الأحداث المأساوية التي نتجت عن هطول الأمطار على محافظة جدة وما أدت إليه من وفيات تجاوزت مائة شهيد وإصابة الكثيرين، إضافة إلى العديد من التلفيات والأضرار البالغة على المنشآت العامة والممتلكات الخاصة..»، الى ان يقول «..وإنه ليحز في النفس ويؤلمها أن هذه الفاجعة لم تأت تبعاً لكارثة غير معتادة على نحو ما نتابعه ونشاهده كالأعاصير والفيضانات الخارجة وتداعياتها عن نطاق الإرادة والسيطرة في حين أن هذه الفاجعة نتجت عن أمطار لا يمكن وصفها بالكارثية. وإن من المؤسف أن مثل هذه الأمطار بمعدلاتها هذه تسقط بشكل شبه يومي على العديد من الدول المتقدمة وغيرها ومنها ما هو أقل من المملكة في الإمكانات والقدرات ولا ينتج عنها خسائر وأضرار مفجعة على نحو ما شهدناه في محافظة جدة وهو ما آلمنا أشد الألم».

ولذا نقول ان هذا البيان منصف، شاف، ولاننا، وغيرنا، طالبنا بالمحاسبة والانصاف، فبات لزاما ان نقول شكراً يا خادم الحرمين الشريفين.

[email protected]