ملك وأحزان مدينة

TT

مساء الاثنين الماضي كان الأمر الملكي الذي أصدره الملك عبد الله بن عبد العزيز هو حديث الناس، وباعث إعجابهم، ومضمد جراحهم، فتشكيل لجنة تحقيق عاجلة لتقصي الحقائق المتصلة بكارثة السيول التي أودت بحياة أكثر من مائة من سكان مدينة جدة، وتحديد مسؤولية كل جهة حكومية أو أي شخص ذي علاقة بها، أمر استقبله الناس بقدر كبير من الارتياح، إذ وجدوا فيه ـ أي الأمر ـ دخولا في مرحلة الحساب التي تعقب الدعم، فالدولة قدمت خلال السنوات الماضية كل أوجه العطاء للنهوض بمختلف المرافق الحيوية، ومن الطبيعي أن تكون جدة قد نالت حصتها من هذا الدعم أسوة بغيرها من المدن، وبالقدر الذي يتناسب مع كونها المدينة الثانية في السعودية من حيث المساحة وكثافة السكان.

وحينما وقعت الكارثة يوم الأربعاء الماضي صدم الناس بهشاشة بنية مدينتهم التي لم تستطع أن تصمد ساعات أمام المطر، فتحولت بعض أنفاقها وجسورها وشوارعها حتى الحديثة منها إلى مصائد للأرواح والعربات وأفراح الناس بالغيث، وكان لا بد أن يرتطم هول الحدث بالسؤال: مَن المسؤول؟ وأن تتناثر شظايا السؤال في أحاديث الناس، وأعمدة الكُتّاب، وتعليقات المحللين.

وفي ظل تشكيل لجنة كالتي أمر بها الملك عبد الله بن عبد العزيز، وفي إطار الثقة برئيسها وأعضائها، أشعر أن واجب الجميع في هذه المرحلة انتظار النتائج التي تسفر عنها التحقيقات، ففي مثل هذه الأمور لا ينبغي أن نتعجل الأحكام، ونستبق النتائج، رغم فداحة ما حدث، ورغم توق النفوس لمعرفة المتسبب في ما حدث، ومن حسن الحظ في هذه القضية أن الانتظار لن يطول، فالأمر الملكي أكد على ضرورة أن ترفع اللجنة إلى خادم الحرمين الشريفين بما تتوصل إليه من تحقيقات ونتائج وتوصيات بشكل «عاجل جدا»، ويكفينا قول والد الجميع، الملك الإنسان عبد الله بن عبد العزيز: «المواطنون والمقيمون أمانة في أعناقنا وفي ذمتنا»، وأنه يتصدى لهذا الأمر، و«تحديد المسؤولية فيه والمسؤولين عنه ـ جهات وأشخاصا ـ ومحاسبة كل مقصر أو متهاون بكل حزم»، فمن له قائد بهذا الثراء الإنساني عليه أن يطمئن إلى أن عدالة هذا القائد لن تعاقب بريئا، ولن يفلت منها مذنب، وأنها ستتعامل مع هذه القضية كغيرها من القضايا بمنطق الحق والعدل والإنصاف.

[email protected]