لثاني مرة: عبد الوهاب!

TT

عندما غنت له فيروز: يا جارة الوادي وخايف أقول اللي في قلبي واسهار بعد اسهار.. جاءت هذه الأغنيات على اسطوانة.. ودارت الاسطوانة بيننا شهورا مبهورين بلقاء عبد الوهاب وسيدة الغناء اللبناني فيروز.. التغيير الوحيد في كلام أغنية خايف أقول اللي في قلبي هو أن الأغنية المصرية تقول: أنا زارني طيفك في منامي.. ولكن فيروز غنتها: أنا زارني طيفك بمنامي.. ما الذي بهرنا؟ إننا سعداء بأن نسمع الأغنية من أروع صوتين في دنيانا عبد الوهاب وفيروز.. وكان انبهارنا أقوى من انبهارنا فيما بعد بلقاء عبد الوهاب وأم كلثوم بتوصية من الرئيس عبد الناصر. ودعانا عبد الوهاب ليسمع رأينا.. وكان صادقا في هذه الدعوة. إنه يحب أن يسمع ويحب أن يجيب. وما دام الموضوع خاصا به فعبد الوهاب لا يغفل ولا ينام. وإذا كان لديه لحن جديد دعا أصدقاءه من الكتاب والفنانين ليسمع الرأي في اللحن الجديد.. ومن الطبيعي أن يكتب هؤلاء الكتاب عن الذي سمعوه والذي يبهرهم في الأغنية قبل أن تنزل الأسواق. وهي دعاية مجانية على أرفع المستويات. سؤال من عبد الوهاب: أيهما أفضل؟ فقلت: بصوتك يا أستاذ رائعة وبصوت فيروز جميلة. أنت السمو وهي الجمال.. ويكون تعليق عبد الوهاب: الله.. حلوة.. كلام حلو.. آه.. ولا ينظر إليك وإنما هو لا يقوى على التركيز إذا نظر أو استمع.. إنه ينظر إلى داخله. وهو مشغول بما في داخله. ماذا بداخله لا تعرف حتى يقول.. حتى يفصح.. ورأى عبد الوهاب في فيروز: إنها معجزة لبنانية. وأم كلثوم معجزة قومية.. ويقول عبد الوهاب لم يعرف الغناء صوتا أرق وأجمل من صوت فيروز.. إنها خيوط الحرير.. إنها أشعة من الفضة.. أما أم كلثوم فهي الأبهة والفخامة والكبرياء في الحب وفى الغضب وفى الوطنية. وسألت: ومحمد عبد الوهاب؟.. قال: أقول لك ولا تكتب.. عبد الوهاب إمبراطور الموسيقى والغناء. إذا كتبت فقل إن هذا رأيك.. لا تنس يا حبيبي.. ولم يحدث أن استطاع شاعر غنائي أن يؤدي ما قدر الأخوان رحباني من سرعة في إيصال الكلام إليك فالكلام سريع والموسيقى والمطربة.. كل هؤلاء معا شكلوا هذه المعجزة الغنائية أو هي التي جمعتهم وصعدت بهم إلى فوق..